بعد فوز حزبه بأغلبية ساحقة من المقاعد فى الانتخابات البرلمانية فى بريطانيا، يستعد السير كير ستارمر، زعيم العمال، لأن يصبح رئيس وزراء بريطانيا المقبل، حيث من المقرر أن يتولى مهامه رسميا اليوم الجمعة، بعد أن يلتقى مع الملك تشارلز.
كان طريق ستارمر إلى 10 داوننج ستريت، مقر الحكم فى بريطانيا، طويلا، ويأتى تتويجا لمسيرة طويلها بدأها كمحامى يسارى وصولا إلى توليه زعامة حزب العمال.
وارتبط نهج ستارمر اليسارى بنشأته فى أسرة متواضعة، حيث كان والده صانع أدوات، بينما عملت والدته كممرضة وأصيبت بداء التهاب المفاصل مما منعها من التنقل. ونشأ سترامر، بحسب موقع فرانس 24 فى منزل صغير في لندن، ولم يذهب إلى كلية خاصة، وكان الأول الذى يلتحق بالجامعة من بين إخوته الثلاث، حيث أصبحت إحدى شقيقاته ممرضة، والأخرى متخصصة في البستنة. فيما كان شقيقه الذي تقاسم معه غرفة المنزل يعاني من صعوبات في التعلم. ودرس ستارمر القانون في جامعة ليدز قبل أن ينتقل إلى أكسفورد.
بعد حصوله على شهادة المحاماة، تخصص ستارمر في الدفاع عن حقوق الإنسان، ونشط لعدة سنوات في الدفاع عن النقابات ومكافحة عقوبة الإعدام. كما عمل على اتخاذ إجراءات قانونية ضد انتهاكات حقوق الإنسان خلال الصراع في إيرلندا الشمالية (1968-1998). وساهم فى بداية 2000 في إنشاء قوة شرطة جديدة لحفظ السلام.
في 2008، أصبح مدع عام لإنجلترا وويلز، وخلال توليه هذا المنصب أشرف على ملاحقات قضائية طالت نوابا متهمين بالاختلاس وحتى صحفيين متهمين بالتنصت على الهواتف.
حاز ستارمر على وسام “الفارس” فى 2014 من الملكة إليزابيث الثانية، وحصل على لقب السير تكريما لمسيرته القانونية الطويلة.
وقبل عام 2015 لم يكن لستارمر صلة كبيرة بعالم السياسة. لكنه فى عقده الخامس اتخذ منعطفا جديدا فى حياته بعد أن تم انتخابه نائبا في البرلمان عن حزب العمال عام 2015.
واختلف ستارمر كثيرا مع زعيم حزب العمال فى هذا الوقت جريمي كوربن السياسي اليساري حول السياسات الاشتراكية التى تبناها الأخير، وبلغ الخلاف حدا جعله يترك مكانه في المجموعة القيادية في الحزب لكنه عاد وقبل العمل كناطق باسمه تحت رئاسة كوربين.
وبعد الهزيمة التي مني بها حزب العمال في انتخابات 2017 و2019 التي كانت الأسوأ في تاريخه منذ عام 1935، تولى ستارمر زمرة القيادة وجاهد لإعادة بناء التنظيم وإعادته إلى المشهد السياسي في بريطانيا.
فرض ستارمر سياسة الانضباط على حزب معروف بانقساماته الداخلية وتخلى عن سياسات جيريمي كوربن الاشتراكية ولم ينسى تقديم اعتذاره على اتهامات للحزب بمعاداة السامية بعد أن خلُص تحقيق أجري آنذاك إلى أن تلك الظاهرة قد انتشرت تحت رئاسة كوربين.
حين تولى المسؤلية الحزبية، وعد ستارمر “بتغيير ثقافة حزب العمال”. أما شعاره الآن فهو “البلد قبل الحزب”، وخاض حملته الانتخابية تحت شعار “التغيير”.