تتجدد الضغوط على الرئيس الأميركي جو بايدن للانسحاب من الترشح للسباق الانتخابي بعد أن ذكرت تقارير إخبارية أوردتها وسائل إعلام أميركية تفيد بأن شخصيات بارزة في الحزب الديمقراطي بدأت تحثه سرا على الانسحاب.
وكانت الدعوات لسحب ترشيح بايدن قد تراجعت بعد محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها منافسه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، السبت، الماضي، لكن المخاوف بشأن سنّه وصحته أثارت موجة تساؤلات حول قدراته الجسدية والذهنية.
وذكر تقرير لشبكة “سي إن إن” أن الرئيسة السابقة لمجلس النواب نانسي بيلوسي التي لا تزال تتمتع بنفوذ كبير، قالت لجو بايدن مؤخرا إنه قد “يقضي على حظوظ الديموقراطيين في الفوز” في الانتخابات التشريعية، مشيرة له إلى تراجع فرصه في استطلاعات للرأي.
وتحدثت تقارير نشرتها وسائل إعلام عدة أن زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر وزعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز وآخرون عبروا لبايدن مباشرة عن قلقهم العميق في الأيام القليلة الماضية.
وأضافت التقارير أن مضمون ما نقلوه لبايدن هو أنهم يخشون من أنه لن يخسر فقط فرصة البقاء في البيت الأبيض بل أيضا سيكبد الحزب أي فرصة لاستعادة الأغلبية في مجلس النواب في الانتخابات التي ستجرى في الخامس من نوفمبر.
وفي وقت سابق الأربعاء دعا مسؤول كبير آخر في الحزب الديموقراطي هو النائب عن ولاية كاليفورنيا آدم شيف بايدن إلى سحب ترشيحه.
وحض شيف الرئيس على الانسحاب والإفساح لمرشح آخر، مشككا في إمكانية أن يهزم بايدن ترامب في نوفمبر.
بالمقابل رفض بايدن حتى الآن الاستجابة لدعوات علنية صدرت قبل ذلك من 20 عضوا ديمقراطيا في الكونغرس للانسحاب من السباق الرئاسي، لكنه أكد الاستعداد لإعادة تقييم ترشحه للانتخابات إن واجه “حالة طبية”، وفق مقتطفات من مقابلة أذيعت، الأربعاء. وكانت هذه أول مرّة يتطرق بايدن إلى إمكانية التخلي عن حملته الانتخابية.
كما نقل موقع “أكسيوس” عن قياديين ديمقراطيين القول، الخميس، إن الضغط المتزايد من قادة الحزب والأصدقاء سيقنع بايدن بالانسحاب من سباق الرئاسة نهاية هذا الأسبوع.
لكن الباحث والمحلل السياسي الأميركي، القريب من الحزب الديمقراطي، إيريك هام، يستبعد ذلك، ويؤكد لموقع “الحرة” أن الرئيس يخطط للبقاء في السباق، وقد أوضح ذلك لقادة الكونغرس في أنه سيكون المرشح، ويخطط لهزيمة دونالد ترامب في نوفمبر”.
سيناريوهات الانسحاب
وفي حال حصل الانسحاب فسيكون بايدن أول مرشح يفعل ذلك في وقت متأخر من الحملة الانتخابية، لكنها لن تكون المرة الأولى التي يقرر فيها رئيس حالي سحب ترشيحه أو عدم السعي لإعادة انتخابه.
ففي عامي 1952 و 1968 قرر الرئيسان السابقان هاري ترومان وليندون جونسون الانسحاب من سباق الترشح قبل نحو ثمانية أشهر من الانتخابات.
بالتالي تؤكد الوقائع التاريخية أنه لم ينسحب أي مرشح على الإطلاق بعد حصوله على عدد كاف من أصوات المندوبين في الانتخابات التمهيدية الرئاسية ليكون المرشح، وفقا لمجلة “تايم”.
وكان بايدن حصل على ترشيح الحزب الديمقراطي في مارس الماضي بعد فوزه بأصوات أكثر من 3800 مندوب.
في هذه المرحلة، يعد بايدن الشخص الوحيد المؤهل للترشيح، بحسب اللجنة الوطنية الديمقراطية وبالتالي فإن المندوبين ملزمين بترشيحه خلال المؤتمر الوطني للحزب.
بالتالي سيكون مسار اختيار مرشح جديد من قبل الحزب الديمقراطي مختلفا في حال انسحب بايدن طوعا قبل المؤتمر الوطني الديمقراطي المقرر عقده الشهر المقبل أو بعده.
في الحالة الأولى سيكون الأمر أكثر وضوحا، لكنه لن يكون بالسهولة المتوقعة في ظل تنافس العديد من الشخصيات البارزة داخل الحزب الديمقراطي.
تنص إجراءات الحزب الديمقراطي على أنه في حال انسحاب المرشح قبل انعقاد المؤتمر، فإن القرار بشأن من سيحل محل بايدن سيترك للمندوبين.
لكن في حال قرر بايدن الانسحاب بعد ترشيحه رسميا في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، فسيقع على عاتق اللجنة الوطنية الديمقراطية اختيار مرشح جديد بأغلبية الأصوات في جلسة خاصة.
وسيتعين على رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية التشاور مع القادة الديمقراطيين في الكونغرس وحكام الولايات من الديمقراطيين ثم يقدم تقريره لأعضاء اللجنة الوطنية الديمقراطية، الذين سيختارون بدورهم المرشح الجديد.
وحصلت مثل هكذا حالة في عام 1972 عندما سحب المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس توماس إيغلتون ترشيحه وصوت أعضاء اللجنة الوطنية الديمقراطية لاستبداله بسارجنت شرايفر.
أوردت تقارير وسائل إعلام أميركية مؤخرا أسماء العديد من الشخصيات البارزة في الحزب الديمقراطي لخلافة بادين المحتملة في السباق الرئاسي، ومن بينهم حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم وحاكمة ولاية ميتشغان غريتشن ويتمير.
لكن حاليا تعد نائبة الرئيس كامالا هاريس المرشحة الأبرز والأقرب للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي وفقا لإيريك هام.
ويقول هام إن الحزب الديمقراطي “قد يشهد انقساما حادا وربما تمردا داخل قواعده الشعبية في حال لم يتم ترشيح هاريس للمنصب”.
يشير هام إلى وجود العديد من وجهات النظر المختلفة في الحزب الديمقراطي، لكن هاريس من “أصل أفريقي، وأكبر قاعدة للحزب الديمقراطي هي من الناخبين الأميركيين من أصل أفريقي”.