شهد الدين الخارجي لمصر منذ بداية العام الحالي انخفاضا تاريخيا، إلا أنه يتعين عليها الاستعداد لسداد التزامات قصيرة الأجل بمليارات الدولارات حتى يونيو المقبل.
وتلتزم مصر بسداد مديونيات قصيرة الأجل بقيمة 37.5 مليار دولار حتى يونيو 2025، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.
وقال محللون في بنوك استثمار لـ”العربية Business” إن مهمة مصر في الالتزام بسداد مديونياتها أو إعادة تمويلها أصبحت أسهل نسبيا مقارنة بالفترة الماضية، نظرا لتحسن عدة مؤشرات اقتصادية، بخلاف تحسن النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري وانخفاض معدلات المخاطر المتوقعة.
وتراجع الدين الخارجي لمصر ليسجل 153.86 مليار دولار في نهاية مايو 2024 مقابل 168.03 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2023، لتصل نسبة التراجع 14 مليار دولار خلال أول 5 شهور من 2024، بحسب بيانات المركزي.
ويري المحلل المالي الأول ببنك الاستثمار نعيم القابضة ، هشام حمدي، أنه على الرغم من استمرار الاضطرابات الجيوسياسية والتقلبات الاقتصادية، إلا أن مصر مازال لديها فرصة لاستقبال مزيد من الأموال الساخنة، التى من شأنها دعم التدفقات الأجنبية للداخل بشكل سريع.
وأوضح حمدي أن دخول مزيد من التدفقات الأجنبية لمصر يُسهل مهمتها فى سداد بعض أقساط الدين ومد آجال الأخري.
وتوقع حمدي استقبال مصر لتدفقات استثمارية ضخمة في قطاع الطاقة والاستثمارات الخضراء، وخاصة من الاتحاد الأوروبي، بخلاف الاستثمارات الصناعية المتوقعة من دول “بريكس” وخاصة الصين.
“مازالنا نترقب انعكاسات قرار التعويم على تدفقات الاستثمارات لبعض القطاعات وأبرزها السياحة والاستثمار المباشر، ونتوقع جنى مكاسب هذا الاجراء مع تحسن الأسواق العالمية وبدء دورة التيسير النقدي ” بحسب حمدي.
من جانبها قالت المحلل المالي، منى بدير، إن تحسن مؤشرات اقتصاد مصر منذ بداية الربع الأول من العام الحالي، يمكنها من استخدام آليات إدارة الدين الخارجي بشكل أفضل الفترة المقبلة.
وأوضحت بدير لـ”العربية Business” أن الالتزامات المستحقة على مصر تنقسم إلى شقين الأول إما قروض ممنوحة من مؤسسات دولية أو صندوق النقد الدولي، أو فى شكل ودائع أغلبها خليجية، وغالبا ما يتم تجديد أجالها.
وتوقعت مزيدا من الانخفاض في معدلات الدين الخارجي حال تحول جزء من ودائع الخليج لاستثمارات، على غرار سيناريو صفقة رأس الحكمة.
“مصر أحد أهم الأسواق المستقبلة لتمويلات التنمية المستدامة، وهو ما شهدناه بالفعل من حزمة تمويلات الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي الأخيرة، ومن المتوقع تلقي تمويلات تنموية جديدة الفترة المقبلة” وفقا لبدير.
وجذبت مصر تدفقات دولارية بنحو 45 مليار دولار منذ عقد صفقة رأس الحكمة وحتى مايو الماضي، وفقا لتقديرات بنك ستاندرد تشارترد.
وتوقعت كبيرة محللي الاقتصاد الكلي بشركة سي آي كابيتال، سارة سعادة، إدارة الدين الخارجي لمصر بنفس نمط السنوات الماضية، ولكن تحسن المؤشرات الأقتصادية سيجعل المهمة أسهل.
وأوضحت أن إدارة الالتزامات الخارجية تتم في الغالب من خلال مد آجال الودائع التى تمثل الحصة الأكبر من أصل القروض، أو التمويل من خلال آليات أخري سواء قروض أو سندات دولية وغيرها.
وأشارت إلي أن تحسن النظرة المستقبلية لمصر سيكون داعما لسياسات إدارة الدين المحلي والخارجي في نفس الوقت.
“في حالة تحويل جزء من الودائع الخليجية لاستثمارات، سنشهدا مزيدا من الانخفاض فى الالتزمات الخارجية على مصر” وفقا لسعادة.
وقالت بدير إن أحد التزامات مصر في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق علية مع صندوق النقد الدولي هو الحفاظ على استدامه الدين أى– إطالة عمر الدين- وكذلك السيطرة على عجز الموازنه العامة.
وأشارت إلى أن صندوق النقد الدولي يركز على كفاءة الاستثمارات العامة وإفساح المجال للقطاع الخاص للمساهمة في هذه الاستثمارات بهدف تخفيف الضغوط على المالية العامة للدولة.
وذكر محلل الاقتصاد الكلي في بنك استثمار نعيم القابضة، هشام حمدي إلي أن إتباع الدولة سياسات أكثر تشددا في الإنفاق الاستثماري العام، وتقليص استخدام المكون الأجنبي في المشروعات، يساهم فى توفير العملة الأجنبية، وبالتالي القدرة على سداد الالتزامات الخارجية والحد من تفاقم الدين.