شهدت منطقة النوبة في مصر والسودان حدثًا مناخيًا غير مسبوق في العصر الحديث، حيث استمر هطول الأمطار لمدة 12 يومًا متصلة من 1 إلى 12 أغسطس 2024، في ظاهرة تختلف عن السيول المفاجئة المعتادة التي غالبًا ما تستمر لساعات معدودة.
تميزت هذه الأمطار بطابعها المستمر الذي شمل مناطق واسعة بدءًا من جنوب الخليج العربي حتى المحيط الأطلسي، مما أدى إلى إزاحة حزام الأمطار إلى الشمال ليشمل جنوب الجزيرة العربية، وحلايب وشلاتين، وبحيرة ناصر، وأبو سمبل، وجبل العوينات، وأجزاء من جنوب ليبيا، وشمال تشاد، والنيجر، ومالي، وجنوب موريتانيا.
تشير التقديرات الأولية إلى أن كمية الأمطار التي هطلت داخل مصر من 1 إلى 10 أغسطس 2024 بلغت حوالي 2.5 مليار متر مكعب، وصل منها إلى بحيرة ناصر نحو 200 مليون متر مكعب فقط (8%) عبر الأمطار المباشرة ومخرات السيول، أبرزها وادي العلاقي. هذه الكمية من المياه تعادل تقريبًا ما يصرفه السد العالي يوميًا خلال فترة أقصى الاحتياجات الصيفية.
كما استفادت الأراضي الزراعية في توشكى وحلايب وشلاتين وأبو سمبل من جزء من هذه الأمطار، في حين توزعت المياه الباقية على السطح الجاف منذ قرون، مما أدى إلى تكوين برك مائية في بعض الأماكن، لكنها سرعان ما اختفت نتيجة البخر الشديد والتسرب تحت سطح الأرض.
شهدت الأمطار انحسارًا ملحوظًا أمس واليوم، حيث اقتصرت على منطقة العوينات كأمطار خفيفة لم تسفر عن سيول جديدة، مما يثير التساؤلات حول ما إذا كانت هذه نهاية المشهد المطري الفريد أو مجرد استراحة للسحب.
في كل الأحوال، يمثل هذا الحدث تحديًا وفرصة في آن واحد، حيث يبرز الحاجة إلى تطوير استراتيجيات للاستفادة من المياه في مناطق تعاني من الجفاف، مع الحفاظ على استقرار البيئة والتكيف مع التغيرات المناخية المتسارعة..