أثار قرار مجلس النواب الليبي في بنغازي بخصوص اعتبار حكومة الوحدة الوطنية برئاسة، عبد الحميد الدبيبة حكومة منتهية الولاية مزيدا من التكهنات والتساؤلات عن تداعيات الخطوة والصدام بين الطرفين، وما إذا كان القرار سيؤثر على علاقات الحكومة الخارجية.
وأصدر البرلمان الليبي قرارا رقم 10 أكد فيه أن “حكومة الدبيبة انتهت رسميا وأن الحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة، أسامة حماد، (غير المعترف بها دوليا) هي السلطة التنفيذية الشرعية الوحيدة للبلاد حتى انتخاب حكومة موحدة”، مشددا على إلغاء أي قرار يخالف القرار الصادر وأن ينشر الأخير في الجريدة الرسمية ليصبح نافذا.
وصوت مجلس النواب الليبي سابقا على سحب الثقة من حكومة الدبيبة واعتبار حكومة حماد هي الشرعية وفقط، لكن لم تتخذ خطوات لتنفيذ نتائج التصويت، ما دفع رئيس المجلس، “عقيلة صالح” إلى إصدار قرار رسمي طبقا للتصويت على أن يعتبر نافذا وينشر رسميا.
وأكد بيان سابق لحكومة الدبيبة أنها تستمد شرعيتها من الاتفاق السياسي الليبي المضمن في الإعلان الدستوري، وأنها ملتزمة بمخرجات الإعلان الدستوري التي تنص على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية لإنهاء المرحلة الانتقالية الطويلة.
وفي ردها الضمني على تحركات البرلمان ورئيسه، ذكر البيان أن “قرارات عقيلة صالح مكررة في الشكل والمضمون ولا تتسم بالجدية وأنها لن تغير من الواقع شيئا بل هي مجرد مواقف سياسية لا تلزم الحكومة في شيء”.
لكن بعد إصدار قرار رسمي وتعميمه ونشره في الجريدة الرسمية.. هل ينجح “عقيلة والبرلمان” في محاصرة “الدبيبة” وإزاحته؟ وكيف تؤثر الخطوة على تحركات الحكومة دوليا وخارجيا خاصة في توقيع الاتفاقات؟
وأكدت رئيسة لجنة التنمية المستدامة بمجلس النواب الليبي، ربيعة بوراص أن هذا القرار سيعمق الأزمة ويزيد من حجم الفجوة، فمثل هذه القرارات يجب أن تكون عبر حوار ينهي الانقسام وينتج عنه حكومة موحدة، أما إصداره بهذا الشكل فهو لا يعبر عن إرادة المنطقة الغربية”.
وتساءلت في تصريحاتها: “ربما يعترف مجلس النواب بالحكومة الليبية المكلفة منه لكن هل ستعترف الأطراف الأخرى بهذا القرار؟، لذا أصبح الحوار خطوة ضرورية للحفاظ على الاستقرار العام وتقديم الخدمات للمواطنين، وكان الأجدر بمجلس النواب أن يعالج ما تسبب فيه قرار المجلس الرئاسي من أزمة مالية بخصوص مصرف ليبيا المركزي بدلا من خطوات تزيد من حدة الصراع”، وفق قولها.
لكن وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر رأى أن “البرلمان وحكومته في شرق البلاد لا زالوا في صراع شديد ومتزايد مع حكومة الدبيبة، وفي الآونة الأخيرة يبدو أن المجتمع الدولي بدأ يقبل ويسمح بإجراءات لم يكن يسمح بها من قبل وهي التغول المتبادل بين المؤسسات”.
وأشار إلى أن “هذه الضغوط التي يمارسها المجتمع الدولي على مختلف الأطراف أدت إلى قيام المجلس الرئاسي بإقالة المحافظ، “الصديق الكبير” وتنفيذ القرار بالقوة وقد جاء هذا القرار بعد قيام البرلمان بإلغاء اتفاق جنيف وسحب الصلاحيات من الرئاسي”، وفق تقديره.
وتابع: “لم يتضح بعد إلى أي حد سيسمح المجتمع الدولي بقبول نتائج هذه القرارات التي ستغير الواقع على الأرض، وبالطبع هذه الإجراءات تشكل واقعا جديدا وهو قيام حكومة في الشرق تسيطر على النفط والمصرف المركزي والبرلمان وتضع العالم الذي لا تهمه غير مصالحه أمام الأمر الواقع”.
وبخصوص مصير حكومة الدبيبة بعد هذا القرار قال الوزير الليبي: “استمرار شرعية حكومة الوحدة الوطنية يعتمد على المجتمع الدولي بالدرجة الأولى، لكن حقيقة هذا الموقف بدأ يتزعزع بشكل كبير في الآونة الأخيرة”، كما صرح.
الأكاديمي والإعلامي الليبي، عاطف الأطرش قال من جانبه إن “البرلمان لا زال يبحث عن شرعية حقيقية لحكومة حماد وتقديمها للمجتمع الدولي على أنها الشريك الشرعي الحقيقي في المشهد السياسي الحالي، إلا أنه لا يتوقع نجاح هذه الخطوة”.
واستدرك قائلا: “لن تنجح الخطوة لا سيما وأن مجلس النواب قام بذلك مرتين سابقا من خلال حكومة “عبد الله الثني” وحكومة “فتحي باشاغا”، لذا أصبح الهدف معروفا لدى البرلمان أو غيره وهو البحث عن أي ورقة تطيل مدة وجوده على حساب الأزمة الحاصلة وسط رضوخ شعبي للأمر الواقع”، وفق تعبيره وتصريحه لـ”عربي21”.