في تعليق على قرار البرلمان بتمرير تنقيحات مثيرة للجدل على القانون الانتخابي، قال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فاروق بوعسكر، إن “مجلس نواب الشعب استشار الهيئة بشأن تنقيح القانون الانتخابي، وقدمت الهيئة رأيها التقني، مؤكدة عدم تدخلها في المسائل السياسية”. جاء هذا التصريح في سياق التصاعد السياسي قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في 6 أكتوبر.
وصادق البرلمان التونسي الجمعة على التنقيحات الجديدة للقانون الانتخابي، التي واجهت اعتراضًا كبيرًا من المجتمع المدني، وذلك قبل أقل من عشرة أيام من موعد الانتخابات.
ويأتي هذا التعديل في إطار مساعي الرئيس قيس سعيّد للفوز بولاية جديدة. قدم أكثر من ثلث النواب نصّا “بشكل عاجل” للتصويت على تعديل يهدف إلى سحب اختصاص التحكيم في المنازعات الانتخابية من المحكمة الإدارية، وإسناده إلى محكمة الاستئناف، بحجة وجود “نزاع” بين القضاء الإداري والسلطة الانتخابية.
وحظي هذا التعديل بموافقة غالبية أعضاء البرلمان، حيث صوت 116 نائبًا لصالحه، مقابل 12 معارضة، وامتنع ثمانية نواب عن التصويت. وأكد بوعسكر أن الهيئة ستطبق هذا القانون بعد صدوره في الرائد الرسمي، امتثالا للقوانين السارية في تونس.
وتواجه العملية الانتخابية في تونس انتقادات واسعة، بسبب عدم تطبيق الهيئة العليا للانتخابات لقرارات المحكمة الإدارية. وكان هذا الأخير قد سحبت منه صلاحيات التحكيم في النزاعات الانتخابية، ما أثار اعتراضات شديدة من المعارضة والمجتمع المدني.
وتضمنت قرارات المحكمة الإدارية السابقة إعادة ثلاثة مترشحين بارزين إلى السباق الرئاسي، بعد أن كانت الهيئة قد رفضت ملفات ترشحهم.
ومن بين المترشحين الثلاثة الذين تم تثبيتهم لخوض السباق الرئاسي، يوجد الرئيس قيس سعيّد، وأحد داعميه السابقين زهير المغزاوي، بالإضافة إلى العياشي زمال، الذي يقبع حاليًا في السجن.
وحكم القضاء على زمال في مناسبتين، بالسجن لمدة 6 أشهر و20 شهرًا، على خلفية اتهامات بـ “تزوير تزكيات شعبية” تتعلق بالانتخابات الرئاسية.
ويأتي هذا السياق الانتخابي في ظل تصاعد التوترات السياسية في تونس، التي تشهد جدلًا واسعًا حول مدى شفافية ونزاهة العملية الانتخابية، وسط تساؤلات حول استقلالية الهيئات الرقابية والقضائية، وتأثير ذلك على المسار الديمقراطي في البلاد.
تمرير هذه التنقيحات يطرح تحديات إضافية على الهيئة الانتخابية وعلى نزاهة السباق الانتخابي المقبل، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي في تونس.