اعتبر تقرير كيني، أن نشر قوات من الجيش المصري في إطار الترتيبات الأمنية الجديدة في الصومال بعد انتهاء ولاية بعثة حفظ السلام الحالية (أتميس) يشكل انتصار استراتيجي لمصر، مما يعزز من نفوذها في المنطقة والتي تشهد عدم استقرار، وسط تصعيد التوترات بين مصر وإثيوبيا، التي تعاني أصلاً من خلافات حول مياه النيل وخاصة سد النهضة.
مصر في الصومال
تأتي هذه التطورات في وقت تزداد فيه التوترات في منطقة القرن الأفريقي، حيث تسلح مصر الصومال وتقوم الأخيرة بتجميد مشاركة إثيوبيا في الترتيبات الأمنية المقررة بعد انتهاء أتميس.
ويشير الخبراء لصحيفة “ذا إيست أفريكان” الكينية، إلى أن هذه الأفعال قد تؤدي إلى تصعيد التوترات بين مصر وإثيوبيا، في ظل الخلافات بين البلدين حول مياه النيل وخاصة سد النهضة.
موقف المانحين
تعبر الدول المانحة عن مخاوفها من أن إدراج قوات مصرية في الصومال قد يكون بمثابة انتصار استراتيجي لمصر، مما يعزز من نفوذها في المنطقة التي تشهد عدم استقرار أمني وجيوسياسي.
تأتي هذه المخاوف في الوقت الذي يسعى فيه الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة لإجراء مشاورات مع الحكومة الفيدرالية الصومالية حول مهمة ما بعد أتميس، والتي من المقرر أن تبدأ في 1 يناير 2025.
وتتمثل مخاوف المانحين في أن إدراج قوات مصرية في الصومال على حساب القوات الإثيوبية التي تشارك في بعثات حفظ السلام في الصومال منذ عام 2014، يعد فوزا استراتيجيا لمصر التي كانت على خلاف مع أديس أبابا بشأن مياه النيل، وقد يؤدي هذا إلى تصعيد التوترات في القرن الأفريقي.
التدخل المصري
تسعى مصر لنشر حوالي 10,000 جندي في الصومال، حيث تعتزم إرسال نصف هذا العدد ضمن الهيكل القوي للبعثة الأفريقية. وقد أثار هذا الطموح استياء العديد من الدول المساهمة بقوات، التي تخشى أن يؤدي دخول القوات المصرية إلى تغيير طبيعة الهيكل الأمني في الصومال.
ويشكل عرض مصر إرسال 5000 جندي إلى أوسوم ما يقرب من نصف قوام البعثة العسكري البالغ 11146 فردا، بالإضافة إلى 680 ضابط شرطة و85 موظفا مدنيا، لفترة مقترحة مدتها خمس سنوات، بعد موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وبناء على الأعداد المقترحة، سوف تهيمن مصر على قوة أوسوم، وهي قوة أصغر حجما وأقل عددا ومجهزة تجهيزا جيدا مقارنة بقوة أميصوم/أتميس في ذروة انتشارها، مع إعطاء الأولوية لزيادة القدرة العملياتية للجيش الوطني الصومالي والعمل بموجب تفويض جديد لحماية السكان المدنيين أيضا ضد التطرف العنيف الذي تشنه حركة الشباب.
موقف الدول المساهمة
تشكل أوغندا وكينيا وبوروندي وإثيوبيا وجيبوتي العمود الفقري لقوة حفظ السلام الأفريقية في الصومال. ويعرب الوزراء المعنيون، مثل هنري أوكيلو أوريم من أوغندا، عن قلقهم بشأن النوايا المصرية، مشيرين إلى أنه كان ينبغي لمصر الانضمام في وقت سابق بدلاً من الانتظار حتى الآن.
وفي هذا الأسبوع، اختتم وفد من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة زيارة إلى الصومال استمرت ثمانية أيام، حيث التقى بأصحاب المصلحة الذين يخططون للبعثة.
وبحسب بيان صادر عن وكالة أتميس، التقى الوفد مع وكالات الدفاع والأمن الصومالية ومبعوثي الدول الخمس المساهمة بقوات والشركاء الدوليين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وقطر وتركيا.
ومن ناحية أخرى، ترى إثيوبيا أن مشاركة الصومال مع مصر تشكل خطراً على المنطقة. ووفقاً لتقرير صادر عن أديس أبابا، فإن ضعف نظام إدارة مخزون الأسلحة في الصومال يعني إمكانية تهريب الأسلحة إلى حركة الشباب.
كما حذرت إثيوبيا من أن التوترات قد تؤدي إلى قطع تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الدول المساهمة بقوات، مما يسمح للمتطرفين بالتسلل إلى داخل الصومال.
التأثيرات على الاستقرار الإقليمي
تشير التقارير إلى أن توتر العلاقات بين الصومال وإثيوبيا قد يعرقل الجهود الرامية إلى محاربة حركة الشباب. يقول خبراء إن هذه التوترات قد تستفيد منها حركة الشباب، مما قد يؤدي إلى تصعيد الهجمات في المنطقة.
موقف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة
وعبر الاتحاد الأوروبي عن قلقه بشأن التحديات المستمرة في تمويل بعثات حفظ السلام، مما يجعل الأمر يتطلب تعاونًا أكبر بين الدول المانحة.
كما أعربت الولايات المتحدة عن قلقها بشأن تصاعد التوتر بين إثيوبيا والصومال وتأثيره السلبي على المصالح الأمنية المشتركة.
وقال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي إن مبعوثي الاتحاد عقدوا اجتماعات مع مسؤولين من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، وليس لديهم أي معارضة لوجود مصر في الصومال كجزء من قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي، والتي لم يتم الاتفاق بعد على الدول المساهمة بقوات فيها، وهو القرار الذي يتوقف على الحكومة الصومالية.