هل يواجه وزير الداخلية الليبي، عماد الطرابلسي، قار الإطاحة به بعد حديثه حول نيته تفعيل شرطة الآداب وشرطة النساء في ليبيا، وهل يدفع ثمن ما تسبب فيه من غضب لدى قطاعات ليست قليلة من الليبيين، في الوقت الذي قللت مصادر أخرى من تأثير تصريحاته، وقالت إنها لن تتسبب له في أي تداعيات من جانب رئاسة الوزراء.
ولماذا يعتبر البعض أن المهاجرين الأفارقة أصحاب بصمة في الجرائم الأخلاقية داخل ليبيا؛ حتى أن بعض المصادر وصف التواجد الخاص باللاجئين والمهاجرين في ليبيا بأنهم أصبحوا “دولة داخل الدولة”، وأن أماكن تمركزهم في معسكرات خاصة بهم كانت سببا في ارتكابهم جرائم أخلاقية، لكن بعض الشخصيات الليبية التي تحدثت قالت إن هناك أسباب أخرى بخلاف اللاجئين صنعت هذه الحالة من الانفلات الأخلاقي داخل ليبيا.
انتشار الجريمة
يطرح “المنشر” عدة أسئلة، اهمها لماذا لجأ وزير الداخلية في حكومة الوحدة الليبية، والتي تتمركز في الغرب، عماد الطرابلسي، إلى إعلانه عن خطوة تفعيل شرطة الآداب وما أثاره من ردود فعل كبيرة داخل المجتمع الليبي وتأثير ذلك على علاقة وزارة الداخلية بأطراف أمنية أخرى داخل البلاد ليست تحت سيطرة الوزارة، وهل يستطيع عماد الطرابلسي تفعيل نشاط شرطة الآداب في بنغازي وفي شرق ليبيا أم لا؟
قالت مصادر من داخل وزارة الداخلية الليبية، وهي مصادر قريبة من الوزير عماد الطرابلسي مباشرة، إن الوزير الليبي في حكومة الدبيبة اتخذ قرارا بعودة عمل شرطة الآداب على نحو عاجل؛ لما رآه من تقارير تخص انتشار الجريمة الأخلاقية في عموم مناطق ليبيا بالكامل، وأنه يبحث الآن عن شخصية محترفة تكون قادرة على تولي مسؤولية قطاع شرطة الآداب في وزارة الداخلية في ليبيا بالكامل.
أشار إلى أن وزير الداخلية تواصل مع شخصيات كثيرة، حتى مع بعض الشخصيات المحسوبة على نظام معمر القذافي، لكي يعرض عليهم مسؤولية قطاع شرطة الآداب في وزارة الداخلية، لكن حتى الآن لم يستقر على شخص مناسب، مشيرًا إلى أن الوزير حريص على أن يكون الشخص الذي يتولى قطاع شرطة الآداب يتمتع بسمعة حسنة بين أبناء الشعب الليبي ويتمتع بالصرامة في العمل، لأن الوزير سوف يتابع ملف شرطة الآداب بشكل مباشر منه.
المصدر قال كذلك إن قرار تفعيل شرطة الآداب سوف يشمل كل مناطق ليبيا وليس منطقة الغرب فقط، ولكن المصدر أشار إلى أنه جارٍ التنسيق مع حكومة شرق ليبيا التي يتولاها أسامة حماد لكي يتم تفعيل القرار.
أزمة كبيرة
في سياق متصل قال المستشار العسكري الليبي عادل عبدالكافي إن هناك استهجانًا كبيرًا في ليبيا بسبب تصريح وزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي، الخاص بشرطة الآداب وشرطة النساء، وذلك لأنه انزلق في هذه التصريحات إلى مساحة جديدة من الحديث لم تكن مألوفة في الشارع الليبي.
هذه الرؤية اتفق فيها فرج دردور المحلل السياسي الليبي الذي قال إن تصريحات وزير الداخلية الليبي عماد الطرابلسي تسببت في أزمة كبيرة داخل ليبيا إذ أنه ظهر من كلامه أن ليبيا باتت مرتعًا لـ”الجرائم الأخلاقية والدعارة والتجارة في الجنس”، وهذا مخالف للواقع بطبيعة الحال.
أشار إلى أن تصريحات الوزير الخاصة باقتحام المنازل ومتابعة الجرائم الأخلاقية أثارت أزمة لأن الأجهزة المنوط بها تنفيذ هذه الإجراءات والقيام باستهداف المتجاوزين أخلاقيًا في ليبيا، هي أجهزة غير منضبطة بالأساس وهو ما سيفتح بابًا كبيرًا للفساد والانتهاكات القانونية والأمنية في حال ذهاب الداخلية الليبية إلى مثل هذه الممارسات التي من المتوقع أن تشهدها ليبيا في الأسابيع القليلة المقبلة، مشيرًا إلى أن عملية اقتحام المنازل في ليبيا سوف تثير حساسيات المجتمع الليبي وهو ما سيؤدي إلى نتائج عكسية سواء على أداء الداخلية أو على موقف الشارع الليبي ضد وزارة الداخلية.
لكن عبدالكافي يشير إلى زاوية أخرى من الأمر وهي أن ليبيا تواجه أزمة كبيرة بسبب انتشار معسكرات اللاجئين الأفارقة وبطبيعة الحال هذه الأماكن تسببت في انتشار جرائم أخلاقية كبيرة كالاتجار في الجنس والمخدرات والدعارة.
عبدالكافي يذهب في تحليله للأمر إلى مساحة جديدة ويقول إن تصريحات الوزير الليبي ربما تتسبب في الإطاحة به أو على الأقل سوف يوجه له عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية لفت نظر بسبب ” فجاجة” تصريحاته، إذ أن المجتمع الليبي شأنه شأن المجتمعات العربية، فهو مجتمع محافظ وهذه تصريحات أساءت للشعب الليبي.
أما بخصوص ما قاله وزير الداخلية من تفعيل شرطة الآداب وشرطة النساء في كل أنحاء ليبيا قال عبدالكافي إن وزير الداخلية الليبي ليس له أي صلاحيات في شرق ليبيا ولا يستطيع أن يفعل ذلك، فالرجل ليس له أي نفوذ في مناطق سيطرة خليفة حفتر، لكنه وفق كلام عبدالكافي فإن الوزير الليبي ربما يكون بهذه التصريحات، يغازل صدام حفتر ويحاول أن يكسب ثقة معسكر الرجمة في إشارة إلى معسكر خليفة حفتر.
وبخصوص تفعيل شرطة الآداب بالأساس، قال عبدالكافي إن ليبيا فيها شرطة الآداب منذ عهد معمر القذافي ولكنها بطبيعة الحال ضعيفة للغاية ويسيطر عليها العقلية القديمة، مشيرا إلى إن الشرطة تعمل بالسياسات القديمة الخاصة بالنظام السابق وهو ما يعيق عملها بشكل جيد.
كذلك أشار إلى إن القانون الليبي لا يسمح بوجود أوكار رسمية للدعارة وبالتالي فليبيا لن يكون فيها مثل هذه الأوكار التي قال الوزير انه سوف يقتحمها للبحث عن اي جرائم أخلاقية، لكن عبدالكافي استدرك بالقول إن السيولة الأمنية في ليبيا بطبيعة الحال خلقت خروقات أخلاقية بلا شك، خاصة في عدم وجود اي رقابة أمنية على الوضع في ليبيا وتراجع الأجهزة الأمنية عن العمل بشكل محترف.
في المقابل أشار عبدالكافي إلى إن الأجهزة الأمنية مطلوب منها تطوير أداءها وهيكلها وأفرادها من أجل العمل بشكل محترف لمواجهة أي أزمة تتعلق بتجارة المخدرات أو الأخلاق في ليبيا.
أبدى عبدالكافي تخوفه من وقوع صدام بين وزارة الداخلية وميليشيات مسلحة في ليبيا اذا ما تم اكتشاف إن بعض عناصر هذه الميليشيات لها ارتباط بتجاوز أخلاقي، وقال عبدالكافي إن المشهد المنفلت للأمن في طرابلس يتكرر كل فترة وان الميليشيا العسكرية في الغرب تصطدم بشكل كبير مع الداخلية اذا ما أرادت الداخلية التدخل في شؤون هذه الميليشيات المسلحة.