شنّ إسرائيليون حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي ضد النجم المغربي حكيم زياش، بينما طالب لاعب في فريق مكابي تل أبيب الاتحاد الأوروبي بمعاقبة زياش.
من جهتها، وصفت صحيفة “تيليغراف” البريطانية تعليقات النجم المغربي بالسخرية تجاه مشجعي الفريق الإسرائيلي المصابين في أحداث ليلة الخميس.
أفعال استفزازية
وتسبّب مشجعو فريق “مكابي تل أبيب” بمواجهات في أمستردام، بعد قيامهم بأفعال استفزازية من خلال إنزال علم فلسطين وتمزيقه في شوارع العاصمة الهولندية، وترديدهم شعارات مناهضة للعرب.
بدورها، اعتقلت الشرطة الهولندية العشرات عقب أحداث العنف التي اندلعت بعد انتهاء مباراة كرة القدم بين الفريق الإسرائيلي وفريق أياكس أمستردام في الدوري الأوروبي للأندية.
وتجد إسرائيل ضالتها في الحادثة تارة عبر الزعم أنها جاءت بدافع “الكراهية ومعاداة السامية” المتصاعدة ضد اليهود في أوروبا، وتارة أخرى مدعية أنها جاءت نتيجة للمظاهرات المناهضة لتل أبيب.
في أمستردام، وقبلها وبعدها، يخرج شعار “معاداة السامية” من الأدراج المغبّرة، وفي كل مرة نجد أنفسنا نجهد في تفسير المفسّر، لنقول للمرة الألف “إننا نردّ اعتداء”.
صورتان انتشرتا إلى جانب بعضهما في وسائل التواصل بعد أحداث أمستردام؛ صورة مقاومي القسّام وهم يجرّون جنود الاحتلال في السابع من أكتوبر، وصورة الشباب المؤيّد للحقّ الفلسطيني في أمستردام وهم يردّون همجية واعتداء “مشجّعي” نادي “مكابي تل أبيب” الإسرائيلي.
ومن المنطقي أن نضع كلمة مشجّعي بين قوسين، لأنّ هوية مكوّن المجتمع الاستيطاني قائمة على جنود احتياط لم نعد نستطيع تحديد مكانهم بدقة، على مدرّجات ملاعب كرة القدم أم خلف المكاتب في شركات البرمجة العالمية العاملة في فلسطين المحتلة.
الضحية الطيبة
ثمّة ارتباط منطقي بين الصورتين يجعل نشرهما بهذه الطريقة ليس وجدانياً أو عاطفياً فقط، فالسلطات الأوروبية أرادت للعربي عقوداً من الزمن أن يكون “الضحية الطيبة”، والذي عندما يهجم الإسرائيلي في أوروبا ليمزّق العلم الفلسطيني، ويهتف لموت العربي، ويزدريه ويحاول إهانته، أن يكون الردّ على كلّ ذلك بالوقوف على أبواب الهيئات الدولية في الطابور الطويل للشكاوى التي تتعفّن.
وهذا تماماً ما أرادته السلطات الأوروبية نفسها للعربي نفسه، فيما يتعلّق بشأن الصورة الكبرى لمواجهة الاحتلال، فالردّ على قتل الفلسطينيين، وقضم الأراضي بالاستيطان والتجويع والحصار، يجب أن يكون بالاصطفاف في الطابور نفسه، وتحت العنوان نفسه “الضحية الطيبة”.
ولكن الفلسطيني قرّر في السابع من أكتوبر أن يعلن سأمه من الانتظار غير المجدي، وهذا تماماً ما قرّره الشباب المؤيّد للحقّ الفلسطيني في أمستردام بعد أكثر من عام على الحدث الأول.
في أمستردام، وقبلها وبعدها، يخرج شعار “معاداة السامية” من الأدراج المغبّرة، وفي كل مرة نجد أنفسنا نجهد في تفسير المفسّر، لنقول للمرة الألف “إننا نردّ اعتداء”، نستخرج الأدلّة من الحدث، نجري المقاربات، نستحضر الأمثلة المتكرّرة على الهمجية الإسرائيلية.
ونذكّر بأن مشجّعاً في اليونان هتف “الحرية لفلسطين” خلال مباراة جمعت النادي الإسرائيلي نفسه مع أولمبياكوس اليوناني، انهال عليه “مشجّعو” النادي الإسرائيلي بالضرب، ولم نسمع إدانة واحدة تقول إن ما يجري معاداة للحقّ الفلسطيني والعربي!
ولكننا أيضاً في ميدان الكتابة والإعلام والثقافة، سأمنا كتابة العرائض التي لا تريد أن تقرأها السلطات الأوروبية والأميركية؛ ونشعر برغبة في تقليد المقاومين في السابع من أكتوبر والشباب في أمستردام.
وكما جرّ الأول جندي الاحتلال من بزته العسكرية، وكما جرّ الثاني المعتدين الإسرائيليين من قمصانهم على وقع هتاف “فلسطين حرّة”، نشعر برغبة جامحة بجرّ مروّجي شعار “معاداة السامية” إلى ساحة التاريخ والفلسفة، ولسان حالنا يقول “كفى، هذا الشعار مهزلة تاريخية ساذجة”.