في خطوة جديدة تعكس تركيز السلطة في يد زعيم طالبان، ملا هبة الله أخوند زاده، أصدر الأخير مرسومًا يتضمن مجموعة من القواعد التي تحدد كيفية توزيع واستخدام المعدات العسكرية الخاصة بحركة طالبان.
ووفقًا لهذا المرسوم، الذي يتألف من ثماني مواد، فإنه لا يمكن لأي جهة أو شخص من داخل طالبان أن يوزع أو يستخدم المعدات العسكرية دون الحصول على إذن مسبق من ملا هبة الله.
ويشمل ذلك المعدات العسكرية المسجلة في وزارات الدفاع والداخلية، بالإضافة إلى مديرية المخابرات التابعة للحركة.
المحتوى التفصيلي للمرسوم
المرسوم يتضمن العديد من الإجراءات التي تعزز من مركزية السلطة في يد زعيم طالبان. وتحدد المادة الأولى من المرسوم أنه “لا يمكن لأي شخص توزيع المعدات العسكرية المسجلة في احتياطيات وزارات الدفاع والداخلية ومديرية المخابرات، أو إصدار أمر بتوزيعها دون أمر من زعيم طالبان”.
كما أكد المرسوم أنه يجب على أي جهة داخل الحركة التي تحتاج إلى أسلحة، ذخائر، كاميرات رؤية ليلية، أو معدات عسكرية أخرى أن تحصل على موافقة مباشرة من مكتب هبة الله في قندهار.
أما المادة الثانية من المرسوم، فتشترط على أي إدارة عسكرية في طالبان إرسال طلباتها المتعلقة بالمعدات العسكرية إلى مكتب ملا هبة الله في قندهار، ليتم البت في هذه الطلبات وفقًا للخطوات التي يحددها المكتب.
وفي المادة الثالثة، شدد المرسوم على أن المعدات التي تم توزيعها أو استخدامها دون إذن مسبق من ملا هبة الله يجب أن يتم إعادتها فورًا إلى الاحتياطي العسكري.
التأثيرات السياسية على كبار المسؤولين
محللون سياسيون يعتبرون أن هذا المرسوم هو خطوة لتقليص سلطة سراج الدين حقاني، وزير الداخلية، ومحمد يعقوب مجاهد، وزير الدفاع، وعبد الحق فاثق، رئيس مديرية المخابرات في حركة طالبان.
وقد اعتُبرت هذه الخطوة بمثابة إشارة على عدم ثقة هبة الله المتزايدة بكبار مسؤولي الحركة في كابول، خصوصًا في ظل التقارير التي تشير إلى تزايد التنافس الداخلي بين الفصائل المختلفة داخل طالبان.
ويُعتقد أن هذا القرار جاء لمنع أي محاولات انقلاب داخلي قد تكون موجهة ضد زعيم طالبان، خصوصًا في ظل السلطة المتزايدة لبعض هؤلاء المسؤولين خلال فترة الحرب ضد القوات الأجنبية، وهو ما جعلهم يحتفظون بنفوذ قوي في صفوف الحركة.
تأثيرات هذا المرسوم على النزاعات الداخلية في طالبان
لا شك أن هذا القرار يعكس التوترات الداخلية داخل حركة طالبان، حيث يسعى ملا هبة الله إلى السيطرة على أداة القوة الرئيسية داخل الحركة: المعدات العسكرية. ويُفهم أن هبة الله قد شعر بتهديد من بعض كبار المسؤولين الذين كانوا قد أظهروا استقلالية عن قراراته في السابق.
كما هو الحال مع زعيم شبكة حقاني ووزير داخلية طالبان سراج الدين حقاني الذي كان قد عصى علنًا قرارات هبة الله في بعض الأحيان، بما في ذلك قرارات تخص حظر التصوير الفوتوغرافي في المناطق التي تسيطر عليها الحركة.
تدعم هذه الخطوة أيضًا التقارير التي تحدثت عن عمليات بيع المعدات العسكرية المهربة من أفغانستان، والتي كانت قد خلفتها القوات الأمريكية وال القوات الأفغانية السابقة.
وقد شهدت تلك المعدات، بما في ذلك بنادق هجومية من طراز M4 وكاميرات رؤية ليلية، عمليات تهريب عبر الحدود إلى باكستان، وهو ما أثار قلق العديد من الأطراف الداخلية والدولية.
المعدات الأمريكية المتبقية في أفغانستان
تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت قد أمدت القوات الأفغانية السابقة بأكثر من 7 مليار دولار من المعدات العسكرية، والتي أصبحت الآن تحت سيطرة طالبان بعد انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان في أغسطس 2021.
وتشير تقارير إلى أن هناك أكثر من 40 ألف مركبة عسكرية، بما في ذلك 12 ألف عربة همفي، لا تزال في أيدي طالبان، بالإضافة إلى أكثر من 300 ألف قطعة سلاح.
يبدو أن هذا المرسوم، الذي يحدد كيف يجب التعامل مع المعدات العسكرية داخل طالبان، هو خطوة استراتيجية من ملا هبة الله لتعزيز سيطرته على الموارد العسكرية، وتفادي أي محاولات انقلاب داخلي من كبار المسؤولين في الحركة. كما يعكس المرسوم قلقًا متزايدًا من التنافس الداخلي، خصوصًا في ضوء الأزمات الأمنية والسياسية التي تشهدها أفغانستان في ظل حكم طالبان.