حذرت كايا كالاس، رئيسة وزراء إستونيا السابقة والمسؤولة المستقبلية عن السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، من أن الاتحاد يجب أن يولي اهتمامًا خاصًا للعلاقات الوثيقة بين إيران والصين وكوريا الشمالية من جهة، وروسيا من جهة أخرى.
جاء هذا التحذير في وقت حساس، في ظل الحرب المستمرة في أوكرانيا والاتجاهات الجيوسياسية المتزايدة التي تهدد استقرار النظام العالمي القائم.
التهديدات المشتركة: الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية
وأوضحت كالاسفي خطابها أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل، أن روسيا لا تستطيع الاستمرار في حربها ضد أوكرانيا بالقوة الحالية دون الدعم الحاسم من الصين.
وقالت إن بكين تواصل تزويد موسكو بالمواد الخام اللازمة لإنتاج الأسلحة والذخائر، مما يساعد روسيا في التهرب من العقوبات المفروضة عليها من قبل الاتحاد الأوروبي والدول الغربية.
وأضافت أنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يضغط على الصين بشكل أكبر لدفع “المزيد” مقابل دعمها المستمر للكرملين في محاولاته للالتفاف على العقوبات الدولية.
إلى جانب الصين، أشارت كالاس إلى دور إيران وكوريا الشمالية في تعزيز قدرة روسيا على مواصلة الحرب.
وأوضحت أن إيران زودت موسكو بالصواريخ والطائرات بدون طيار، مما يزيد من تعقيد الموقف الأمني في المنطقة. كما حذرت من أن كوريا الشمالية قد تكون تسهم في هذا الصراع، خاصة إذا توسع نطاق الدعم العسكري في المستقبل.
ضرورة النهج الحازم تجاه إيران
فيما يتعلق بإيران، دعت كايا كالاس إلى تطوير “برنامج أكثر حسماً” تجاه طهران، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى نهج جديد مع الجمهورية الإسلامية، خاصة بعد تورطها في تزويد روسيا بالأسلحة، وانتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان في الداخل والخارج.
وأكدت أنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يكون أكثر صرامة في تعاملاته مع إيران، بما في ذلك فرض مزيد من العقوبات على كيانات إيرانية متورطة في هذه الأنشطة.
دور الاتحاد الأوروبي في دعم أوكرانيا
كما شددت كالاس على أهمية تعزيز دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا، مؤكدة أن الاتحاد قد قدم أكثر من 130 مليار دولار من المساعدات العسكرية والإنسانية لكييف منذ بداية الغزو الروسي.
وأشارت إلى أن الدعم الأوروبي لأوكرانيا يجب أن يستمر طالما أن الحرب مستمرة، وأن دول الاتحاد يجب أن تكون على استعداد لتقديم المزيد من الدعم العسكري والاقتصادي لأوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي.
فيما يخص العلاقات مع الولايات المتحدة، لفتت كالاس إلى أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي العمل بشكل وثيق مع الإدارة الأمريكية المقبلة، سواء كانت برئاسة جو بايدن أو من خلفه.
وأكدت أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون حريصًا على عدم السماح للولايات المتحدة بالتركيز فقط على الصين، بينما تتجاهل التداعيات المترتبة على الحرب في أوكرانيا.
التهديدات المشتركة: روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران
في سياق تحذيراتها، شددت كالاس على أن روسيا، الصين، إيران وكوريا الشمالية تشكل تهديدًا مشتركًا للنظام العالمي القائم على القانون.
وقالت إن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يجب أن يقفا معًا في مواجهة هذه التهديدات، حيث أن التعاون بينهما هو السبيل الوحيد لضمان أمن واستقرار العالم في ظل هذه التحديات المعقدة.
التحديات المقبلة للاتحاد الأوروبي
بشأن مستقبله في السياسة الخارجية، أكدت كالاس أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى تغيير نهجه في التعامل مع هذه القضايا العالمية.
وقالت إن من غير المقبول أن تكون إيران وكوريا الشمالية وروسيا قادرة على إنتاج ذخيرة أكثر من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجتمعين، مما يهدد ميزان القوى الدولي.
وفي هذا الإطار، شددت على ضرورة زيادة ميزانية الدفاع للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لتكون قادرة على مواجهة التهديدات المتزايدة من هذه الدول.
التعاون مع إدارة ترامب المقبلة
كما تناولت كايا كالاس في كلمتها التصريحات المتعلقة بإدارة دونالد ترامب المستقبلية، مشيرة إلى قلق متزايد في الاتحاد الأوروبي من تصريحات بعض المقربين من ترامب التي تشير إلى احتمال تقليص الدعم العسكري لأوكرانيا.
وأكدت أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يظل يقظًا حيال هذه القضايا، وألا يترك السياسة الأوروبية تتأثر بتوجهات قد تؤثر سلبًا على الاستقرار في أوكرانيا.
تسعى كايا كالاس، التي ستخلف جوزيب بوريل في منصب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إلى تحفيز أوروبا على اتخاذ موقف أكثر حزمًا تجاه التهديدات العالمية، وخاصة في ما يتعلق بالعلاقات بين روسيا وإيران وكوريا الشمالية والصين.
وبحسب تصريحاتها، يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يعمل بشكل جاد لمواجهة هذه التحديات الأمنية والجيوسياسية، وأن يكون مستعدًا لتوسيع الدعم لأوكرانيا وحماية النظام العالمي القائم على القوانين، لضمان أمن أوروبا والعالم في المستقبل.