في يوم 26 أكتوبر 2024، نفذت القوات الإسرائيلية هجومًا واسع النطاق على مجموعة من المواقع العسكرية الإيرانية، بما في ذلك موقع “طالغان 2” في مجمع بارشين العسكري، وفقا لصحيفة أكسيوس الأمريكية.
هذا الهجوم، الذي استهدف منشآت حساسة يعتقد أن لها علاقة بالأنشطة النووية الإيرانية، جاء في سياق تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، في وقت حساس حيث كانت الأنشطة الإيرانية في مجال الأبحاث النووية تثير قلقًا دوليًا.
موقع “طالغان 2” وأهمية الهجوم
تقع منشأة “طالغان 2” في مجمع بارشين، الذي يبعد حوالي 20 كيلومترًا جنوب شرق العاصمة الإيرانية طهران. يعتقد أن “طالغان 2” كان أحد المواقع الرئيسية التي استخدمتها إيران في السابق لاختبار المتفجرات اللازمة لتفعيل جهاز نووي، وذلك في إطار برنامج الأسلحة النووية الإيراني المعروف بـ “برنامج عماد” الذي تم تعطيله في عام 2003.
وفقا لمصادر من المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين لصحيفة أكسيوس، الهجوم دمر بشكل كامل المعدات المتطورة التي كانت تستخدم في اختبار وتصميم المتفجرات البلاستيكية الضرورية لتفجير اليورانيوم في جهاز نووي.
ومن اللافت أن هذا الموقع لم يكن جزءًا من البرنامج النووي الإيراني المعلن، ما يجعله نقطة حساسة للغاية بالنسبة للحكومة الإيرانية من الناحية السياسية والدبلوماسية.
الأنشطة الإيرانية في بارشين
منذ بداية عام 2024، كانت هناك تقارير متزايدة تشير إلى استمرار إيران في إجراء أبحاث نووية سرية في موقع بارشين، بما في ذلك أنشطة متعلقة بالنمذجة الحاسوبية وعلم المعادن بالإضافة إلى تطوير المتفجرات النووية.
هذه الأنشطة اعتُبرت سرية للغاية، وكان عدد قليل جدًا من المسؤولين الإيرانيين على علم بها. وقد أكد مسؤولون أمريكيون أن هذه الأبحاث كانت تمهيدًا لإنتاج أسلحة نووية في المستقبل.
وقد أثار هذا النشاط قلقًا كبيرًا في الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية، حيث تم تحذير إيران عدة مرات، بما في ذلك في يونيو 2024، من قبل الإدارة الأمريكية بشأن الانتهاكات المحتملة للاتفاقات النووية. ورغم هذه التحذيرات، استمرت إيران في هذه الأنشطة.
ردود الفعل الدولية والإسرائيلية
في وقت الهجوم، كانت هناك تحذيرات من إمكانية اندلاع حرب شاملة بين إيران وإسرائيل. لكن الموقع المستهدف، “طالغان 2″، كان يظل خارج نطاق الأنشطة النووية المعلنة لإيران، ما جعل الهجوم جزءًا من استراتيجية إسرائيلية لردع إيران دون المساس بالمعاهدات الدولية، مثل معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
ورغم طلب الرئيس الأمريكي جو بايدن من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الامتناع عن مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، إلا أن “طالغان 2” لم يكن جزءًا من البرنامج النووي المعلن، مما جعل الهجوم محدودًا في نطاقه ولا يتجاوز الأهداف العسكرية الإيرانية.
تفاصيل الهجوم
في صباح يوم 5 نوفمبر، نفذت إسرائيل هجومًا جويًا واسعًا شمل أكثر من 20 موقعًا عسكريًا إيرانيًا في مناطق مختلفة من إيران، باستخدام حوالي 100 طائرة حربية. وقد استهدفت الهجمات المنشآت العسكرية الإيرانية التي كانت تعتبر جزءًا من الرد الإسرائيلي على الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران ضد إسرائيل في أكتوبر 2024، حيث أُطلقت أكثر من 180 صاروخًا باليستيًا على الأراضي الإسرائيلية. وقد شملت الهجمات الإسرائيلية مواقع للدفاع الجوي ومراكز أخرى ذات أهمية استراتيجية.
التحليل والاستخبارات
في تحليل الهجوم، أشار العديد من الخبراء إلى أن تدمير “طالغان 2” يحمل رسالة قوية من إسرائيل مفادها أن لديها معلومات استخباراتية دقيقة بشأن الأنشطة النووية الإيرانية السرية. الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية بعد الهجوم أظهرت تدمير الموقع بشكل كامل، مما يثبت نجاح الهجوم في تعطيل هذه الأنشطة.
وقد أشار ديفيد أولبرايت، المفتش السابق في الأمم المتحدة، إلى أن إسرائيل استخدمت صور الأقمار الصناعية التجارية لإظهار أن الموقع كان جزءًا من الأنشطة النووية الإيرانية. وأوضح أن تدمير الموقع كان بمثابة تعطيل مهم لبرنامج الأسلحة النووية الإيراني، حتى وإن كانت إيران قد نقلت بعض المواد المهمة قبل الهجوم.
يعد الهجوم الإسرائيلي على موقع “طالغان 2” في بارشين نقطة تحول في التصعيد بين إسرائيل وإيران. من خلال هذا الهجوم، أرسلت إسرائيل رسالة قوية مفادها أنها على دراية بالتفاصيل الدقيقة للأنشطة النووية الإيرانية، بما في ذلك الأنشطة التي تحاول إيران إبقاءها سرية. في المقابل، يثير هذا الهجوم تساؤلات حول مستقبل البرنامج النووي الإيراني والردود المحتملة من طهران على هذا التصعيد العسكري.