شهد حزب المؤتمر الوطني –الجناح السياسي لجماعة الاخوان المسلمين في السودان- تطورات مثيرة، حيث عقد مجلس شورى الحزب اجتماعاً سرياً في مدينة عطبرة، أسفر عن انتخاب أحمد هارون، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، رئيساً جديداً للحزب.
هذا الانتخاب أثار موجة من الجدل والانقسامات داخل حزب المؤتمر الوطني الإخواني، حيث رفضت مجموعة أخرى بقيادة إبراهيم محمود حامد الاعتراف بشرعية هذا الاجتماع ونتائجه.
وأكدت مصادر مطلعة أن الاجتماع الذي عقد في سرية تامة، شهد خلافات حادة بين مختلف التيارات داخل الحزب، حيث تبادلت الاتهامات حول ولاءات ومصالح مختلفة. فقد اتهمت مجموعة إبراهيم محمود، التي تتمتع بدعم من قيادات عسكرية، مجموعة أحمد هارون بالتآمر على الحزب والعمل على تفتيته.
من جانبها، دافعت مجموعة أحمد هارون عن شرعية الاجتماع، مؤكدة أنه تم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة. وأشارت المجموعة إلى أن اختيار هارون جاء نتيجة لتوافق واسع بين أعضاء مجلس الشورى.
خلافات عميقة:
تكشف هذه الانقسامات عن عمق الخلافات داخل الحزب، والتي تعود جذورها إلى فترة ما قبل ثورة ديسمبر 2019. فمنذ سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، تشهد القيادات التاريخية للحزب صراعات على النفوذ والزعامة، مما أدى إلى تكوين تيارات متناحرة داخل الحزب.
وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة إبراهيم محمود، التي ترفض نتائج الاجتماع، تتهم أيضًا المجموعة المقربة من هارون وكرتي بتأجيج الحرب التي تعصف بالبلاد، حيث كان علي كرتي وأسامة عبدالله متهمين بإشعال وتوجيه الصراع داخل الحزب من خلال سيطرتهم على المكتب العسكري للحركة الإسلامية.
اتهامات متبادلة:
تبادلت المجموعتان الاتهامات حول ولاءاتهما السياسية، حيث اتهمت مجموعة إبراهيم محمود مجموعة أحمد هارون بالتقارب مع قوى سياسية أخرى، بينما اتهمت مجموعة هارون المجموعة الأخرى بالعمل لصالح أجندات خارجية.
الرئيس المخلوع يدعو للتماسك الداخلي
في خطوة لافتة، وجه الرئيس المخلوع عمر البشير، الذي لا يزال يحظى بنفوذ كبير داخل الحزب، رسالة مسجلة عبر فيها عن دعمه للتماسك الداخلي لحزب المؤتمر الوطني.
ودعا البشير أعضاء الحزب إلى “التصدي للفتن الداخلية والتحصن ضد الانشقاقات”، مؤكدًا على ضرورة “عدم التهاون مع المتفلتين داخل الحزب”. وأوصى البشير بتفعيل اللوائح التنظيمية للحفاظ على وحدة الحزب.
آراء الخبراء:
أكد خبراء في الشأن السوداني أن هذا الانقسام يعكس عمق الأزمة التي يعيشها الحزب، وأنها قد تؤدي إلى تفككه إلى عدة فصائل متناحرة.
يعد الخلاف بين أحمد هارون وإبراهيم محمود حامد أبرز مظاهر الصراع داخل حزب المؤتمر الوطني في المرحلة الحالية. ففي حين اختار مجلس شورى الحزب، الذي يسيطر عليه علي كرتي وأسامة عبدالله، أحمد هارون رئيسًا، رفض إبراهيم محمود هذا القرار بشدة.
كانت علاقة محمود بكرتي قد شهدت تقلبات منذ عام 2020، حينما أُعيد محمود إلى قيادة الحزب بتدبير من كرتي بعد أن تم عزل إبراهيم غندور.
ووفقًا للمصادر السياسية، فإن خلافات محمود مع كرتي بدأت تتصاعد عندما قام الأخير باتخاذ قرارات هامة داخل الحزب دون التشاور مع هارون وكرتي، ومن بينها تعيين أمناء للأمانات وبدء تحركاته في بورتسودان حيث عقد لقاءات مع قادة الجيش والقوى السياسية الأخرى.