كشف تقييم استخباراتي أوكراني عن تورط كوريا الشمالية في دعم الجيش الروسي بالأسلحة والمعدات العسكرية المتقدمة، في خطوة من شأنها أن تُحدث تأثيرًا كبيرًا على سير العمليات العسكرية في الصراع الأوكراني-الروسي.
وقد أشار التقرير إلى أن بيونغ يانغ قدمت لروسيا صواريخ بعيدة المدى وأنظمة مدفعية ثقيلة، تم نقل بعضها إلى منطقة كورسك الحدودية الروسية، في إطار خطة لشن هجوم عسكري بمشاركة قوات كورية شمالية ضد القوات الأوكرانية.
تفاصيل الدعم العسكري الكوري الشمالي:
حسب ما ورد في صحيفة “فايننشيال تايمز”، فإن كوريا الشمالية قد زودت الجيش الروسي في الأسابيع الأخيرة بحوالي 50 مدفع “هاوتزر” ذاتي الحركة من طراز M1989 عيار 170 ملم، بالإضافة إلى 20 منظومة إطلاق صواريخ متعددة الفوهات من طراز Uragan (Hurricane)، عيار 240 ملم.
وتعتبر هذه الأسلحة تحديثًا للأنظمة السابقة التي صنعتها كوريا الشمالية محليًا، وتمتاز بقدرتها على إطلاق صواريخ عادية وأخرى موجهة بدقة. هذه الأسلحة الجديدة تأتي في إطار توسع الدعم العسكري من كوريا الشمالية لروسيا في حربها ضد أوكرانيا.
وتمثل هذه الخطوة جزءًا من التورط المتزايد لكوريا الشمالية في الصراع، حيث لم تقتصر مساعدتها على الأسلحة فحسب، بل شملت أيضًا توفير الذخيرة التي كانت حاسمة في دعم العمليات الروسية منذ بداية عام 2023.
توسيع المشاركة العسكرية الكورية الشمالية:
وأشار مايكل كوفمان، الزميل البارز في “مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي”، إلى أن المشاركة الكورية الشمالية في الحرب تطورت بشكل ملحوظ، حيث لم تقتصر على إرسال الأسلحة والذخيرة فقط، بل تضمنت أيضًا إرسال قوات من الجنود الكوريين الشماليين.
ووفقًا لاستخبارات غربية، تم نشر أكثر من 12 ألف جندي كوري شمالي في الأشهر الأخيرة، مما جعل دور كوريا الشمالية يتجاوز الدعم اللوجستي ليصبح طرفًا مباشرًا في الحرب، وهو ما يعزز قدرة القوات الروسية في محاولاتها لاستعادة منطقة كورسك، الواقعة على الحدود الروسية مع أوكرانيا.
الهجوم المتوقع في منطقة كورسك:
يُعتقد أن القوات الروسية، بالتعاون مع الجنود الكوريين الشماليين، تستعد لشن هجوم واسع النطاق في منطقة كورسك. وفقًا للتقييم الاستخباراتي، حشدت روسيا حوالي 50 ألف جندي، بما في ذلك 10 آلاف جندي كوري شمالي مزودين بالزي العسكري والأسلحة الروسية.
وتهدف هذه القوات إلى استعادة الأرض التي فقدتها روسيا في منطقة كورسك، والتي كانت قد سيطرت عليها القوات الأوكرانية في وقت سابق، ما يعكس الجهود الحثيثة من موسكو لاستعادة زمام المبادرة على جبهة القتال.
وقد تم تقديم معلومات استخباراتية تشير إلى أن الجيش الأوكراني في منطقة كورسك قد خسر نحو نصف المساحة التي كانت تحت سيطرته منذ أغسطس الماضي. إلا أن كييف تسعى جاهدة للاحتفاظ بمساحة 600 كيلومتر مربع من الأراضي في المنطقة لاستخدامها كـ”ورقة ضغط” في أي مفاوضات مستقبلية مع روسيا.
التصريحات الأوكرانية والقلق الدولي:
في رد فعلها على تصعيد التورط الكوري الشمالي في الصراع، وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كوريا الشمالية بأنها “شريكة” لروسيا، مؤكداً أن التعاون بين موسكو وبيونغ يانغ في هذا السياق يشكل تهديدًا أكبر للأمن الإقليمي والدولي.
وأضاف زيلينسكي في تصريحاته أن روسيا تقوم بتدريب القوات الكورية الشمالية على تقنيات الحرب الحديثة، وهو ما قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي بشكل أوسع.
ومن جانبهم، أعربت دول مثل كوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عن قلقها من التعاون بين روسيا وكوريا الشمالية، مشيرين إلى أن موسكو قد تكون تكافئ بيونغ يانغ بتقديم تقنيات عسكرية متقدمة، بما في ذلك تقنيات نووية وصاروخية، وهو ما يثير المخاوف بشأن الانتشار النووي في المنطقة.
الوضع الميداني:
على الأرض، يواصل الجيش الروسي استغلال تفوقه البشري والتسليحي لتحقيق تقدم في مناطق متعددة من أوكرانيا. في أكتوبر 2024 فقط، سيطرت القوات الروسية على نحو 500 كيلومتر مربع من الأراضي الأوكرانية، ما يضاعف من الضغط على القوات الأوكرانية. من جانب آخر، تشير تقارير إلى أن القوات الأوكرانية تواجه صعوبة متزايدة في الحفاظ على تقدمها في مناطق استراتيجية مثل دونيتسك وخاركيف، حيث تكبدت خسائر بشرية فادحة في الأشهر الأخيرة.