في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة الأمريكية المقبلة، التي يُتوقع أن تكون أكثر تشددًا في تعاملها مع الصين، لتولي مهامها في البيت الأبيض، أعلنت طهران عبر مستشارها للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، عن موقفها الثابت في تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع بكين.
تصريحات ولايتي، التي تأتي في وقت حساس يعكس التحولات في السياسة العالمية، تبرز أهمية التعاون بين إيران والصين في مواجهة الضغوط الدولية، خاصة مع استمرار العقوبات الغربية على طهران.
التحولات السياسية الأمريكية وتأثيرها على إيران
مع اقتراب عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يبدو أن السياسة الأمريكية تجاه الصين ستشهد تصعيدًا ملحوظًا. فقد أكدت وسائل الإعلام الأمريكية أن ترامب يعتزم اتخاذ مواقف أكثر تشددًا تجاه بكين، وهو ما يتماشى مع تصريحاته السابقة التي اعتبرت الصين “أكبر تهديد للمصالح الأمريكية” على الصعيدين الاقتصادي والعسكري.
في هذا السياق، جدد جون راتكليف، المدير السابق للاستخبارات الوطنية الأمريكية، تحذيراته من طموحات الصين العالمية.
راتكليف، الذي رشحه ترامب لمنصب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية في إدارته المقبلة، أشار إلى أن العديد من الشركات الصينية تعمل كواجهات لأنشطة الحكومة الصينية، محذرًا من أن بكين تخطط للهيمنة الاقتصادية والتكنولوجية على العالم.
لكن في المقابل، يبدو أن طهران قد قررت عدم التأثر بشكل كبير بالسياسات الأمريكية القادمة، حيث أكد علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد علي خامنئي، أن تغيير الإدارة في واشنطن لن يكون له تأثير كبير على علاقات إيران مع الصين.
وأوضح ولايتي في تصريحات خلال لقائه مع السفير الصيني في طهران، تسونغ بيوو، أن تطور العلاقات بين طهران وبكين، وخاصة من خلال منظمات مثل “منظمة شنغهاي للتعاون” و”مجموعة البريكس”، سيكون له آثار دائمة ومهمة على المنطقة والعالم.
التحالفات الإيرانية مع الصين وروسيا
تعتبر طهران أن تعزيز التعاون مع الصين وروسيا يمثل أداة رئيسية لمواجهة العقوبات الغربية المتزايدة. فإيران تأمل في أن تساعدها عضويتها في مجموعة البريكس ومنظمة شنغهاي في تخفيف وطأة العقوبات الأمريكية على اقتصادها.
ولكن، كما اعترف رئيس الحكومة الإيرانية، مسعود مزيكيان، في أحد اجتماعات البريكس الأخيرة، فإن عضوية إيران في هذه المنظمات لم تؤدِ إلى نتائج ملموسة حتى الآن، وأن هذه المجموعات لا تزال “ناديًا للمناقشة” أكثر من كونها منصات للعمل المشترك لمواجهة الضغوط الأمريكية.
ورغم ذلك، يبقى التعاون مع الصين وروسيا مهمًا لإيران على المستويين الاقتصادي والسياسي، حيث لا تزال طهران تعتمد على هاتين الدولتين في العديد من المجالات، بما في ذلك التجارة، والطاقة، والتكنولوجيا، والدعم السياسي في مواجهة الضغوط الغربية.
السياسة الأمريكية تجاه إيران: العودة إلى سياسة “الضغط الأقصى”
في حين أن طهران تسعى إلى توسيع علاقاتها مع الصين وروسيا، فإن إدارة ترامب المرتقبة قد تعيد إحياء سياسة “الضغط الأقصى” التي انتهجها خلال ولايته الأولى.
و تشير التقارير إلى أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب يخطط لإعادة فرض عقوبات صارمة على إيران بهدف إجبارها على العودة إلى طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي وتغيير سياساتها الإقليمية.
خلال فترة حكمه الأولى، انسحب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران (JCPOA) في عام 2018 وأعاد فرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية التي ضربت الاقتصاد الإيراني بشدة.
وفي رد على هذه العقوبات، قامت إيران بتسريع برنامجها النووي، مما جعلها تقترب من مستوى تخصيب اليورانيوم اللازم لإنتاج الأسلحة النووية، وهو ما أثار قلق المجتمع الدولي.
وفي هذا السياق، أشار أحمد نادري، عضو هيئة رئاسة البرلمان الإيراني، إلى ضرورة “تغيير العقيدة النووية” لإيران.
كما اعترف أن البرنامج النووي الإيراني لم يحقق “أي شيء” على صعيد تعزيز الأمن الوطني، في الوقت الذي دعا فيه إلى “إجراء تجربة القنبلة الذرية” كوسيلة لتحقيق “التوازن الاستراتيجي” في المنطقة.
تعتبر إيران أن العودة إلى سياسة الضغط الأقصى من قبل الإدارة الأمريكية ستكون بمثابة تحدٍ كبير، لكنها أكدت أنها لن تستسلم لهذا الضغط.
وفي تصريحات وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، ونائبه محمد جواد ظريف، جددت طهران تأكيدها على التفاوض “على أساس مصالحها الوطنية” ولكن “دون ضغط وترهيب” من قبل الولايات المتحدة. وقال عراقجي إن إيران مستعدة “للتفاوض” ولكنها لن تخضع لأي تهديدات.