شهدت الخرطوم بحري، شمال العاصمة السودانية الخرطوم، انفجارات عنيفة في الساعات الأخيرة، وذلك بعد قصف مدفعي مكثف بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع، والذي استمر لعدة ساعات.
هذه الاشتباكات تأتي في وقت حساس، حيث كان الجيش السوداني قد بدأ عملية عسكرية برية في المنطقة منذ أواخر سبتمبر الماضي، تمكن خلالها من السيطرة على مناطق مثل الحلفايا وأجزاء من الدروشاب والأزيرقاب شمال الخرطوم بحري بعد عبور جسر الحلفايا.
منذ بداية الاشتباكات، كثف أفراد مليشيا الدعم السريع قصفهم المدفعي على المنطقة، خصوصًا جنوب كوبري الحلفايا. ووفقًا لروايات شهود العيان، اندلعت أيضًا اشتباكات عنيفة باستخدام الأسلحة الثقيلة بالقرب من “درة الحلفايا”، وهي صالة مناسبات شهيرة.
ومن الملفت في هذه الاشتباكات استخدام مليشيا الدعم السريع لمدفع عيار 130 ملم، مما يزيد من قوة الهجوم على مواقع الجيش السوداني. ورغم القصف الشديد، لم تُسجل تقارير عن وقوع ضحايا حتى الآن.
تواصل مليشيا الدعم السريع هجماتها على المواقع العسكرية للجيش السوداني في منطقة الحلفايا، بهدف استعادة السيطرة على مدخل كوبري الحلفايا من جهة بحري، والذي يُعد معبرًا مهمًا للإمدادات القادمة من مصفاة الجيلي إلى المنطقة.
ومن جانبه، عمد الجيش السوداني إلى عزل مليشيا الدعم السريع المتمركزة في الأحياء القديمة في بحري مثل شمبات، الشعبية، المزاد، الختمية، الديوم، الدناقلة، حلة حمد، وحلة خوجلي، مما يجعل الوضع في تلك المناطق أكثر تعقيدًا.
أضافت تقارير أخرى أن قوة من نخبة مليشيا الدعم السريع تتركز في موقع سلاح المظلات السابق، حيث يُعتقد أن عددًا كبيرًا من الأسرى يوجد في الموقع العسكري مقابل كوبري شمبات.
ويُظهر هذا التصعيد العسكري تزايد المواجهات بين الجيش السوداني والدعم السريع في مناطق إستراتيجية على أطراف العاصمة.
وفي سياق متصل، أعلن “مؤتمر الجزيرة”، وهو كيان مدني يرصد الانتهاكات الإنسانية في السودان، عن ارتفاع عدد ضحايا حصار مليشيا الدعم السريع لبلدة “ود عشيب” إلى 69 قتيلًا، بينهم 42 شخصًا تم قتلهم رميًا بالرصاص.
الهجوم على “ود عشيب” جاء في إطار هجمات انتقامية من قبل مليشيا الدعم السريع على مناطق شرقي ولاية الجزيرة، ما أدى إلى فرض حصار خانق على البلدة وتقييد حركة المواطنين، مما خلق أزمة إنسانية خطيرة جراء نقص الغذاء والدواء.
وأفاد البيان الصادر عن مؤتمر الجزيرة بأن المليشيا نهبت الممتلكات وأرعبت السكان، حيث قامت بإخراج أعداد كبيرة من المواطنين، بمن فيهم نساء وأطفال وكبار السن، من منازلهم.
هذا الوضع جعلهم يتجمعون على شاطئ النيل الأزرق في ظروف صحية وبيئية سيئة، مع انعدام الإيواء والدواء والغذاء. وقد عانى السكان المحاصرون من وضع كارثي نتيجة انقطاع الإمدادات الطبية والغذائية.
من جهة أخرى، تستمر مليشيا الدعم السريع في فرض سيطرتها على معظم مناطق ولاية الجزيرة منذ نهاية العام الماضي، حيث تزايدت الاتهامات لها بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق تشمل القتل، والنهب، والاعتقال، والتهجير القسري للسكان.
رغم تلك الاتهامات، ينفي قادة مليشيا الدعم السريع تورط عناصرهم في هذه الجرائم، مُلقين اللوم على “المتفلتين” أو مجموعات تابعة للاستخبارات العسكرية.
تُظهر هذه التطورات تصاعد العنف في السودان، في وقت يعاني فيه المدنيون من تبعات الحرب المستمرة بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع، مع تداعيات إنسانية وخيمة على سكان المناطق المتضررة.