نشأت خلافات قوية بين السلطات في مقديشو وجوبالاند بعد أن تحدى أحمد إسلام محمد مادوبي، زعيم جوبالاند، الأوامر الفيدرالية بإجراء انتخابات مباشرة وفاز بولاية ثالثة كزعيم إقليمي. هذا التصرف أدى إلى تصعيد المواجهة بين الجانبين، وسط تبادل للاتهامات والخطط الاستراتيجية للسيطرة على جوبالاند.
الخلافات السياسية:
في خطاب له بعد فوزه، أكد مادوبي أن الحكومة الفيدرالية ليس لها “دور في تحديد شؤوننا الداخلية”، مشددًا على ضرورة مقاومة أي محاولات لزعزعة استقرار المنطقة. في الوقت نفسه، أعلن عن استعداد حكومته للحوار. لكن الحكومة الفيدرالية في مقديشو وصفت الانتخابات التي أجراها مادوبي بأنها “غير دستورية وغير قانونية”، مما دفع المدعي العام إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد مادوبي، تمهيدًا لإقالته من منصبه لفشله في تطبيق التغييرات الدستورية المطلوبة.
من جانبه، أكد مادوبي أن النظام الانتخابي المباشر قد يؤدي إلى تمديد غير دستوري لفترات الرئاسة في الولايات والأقاليم، وهو موقف يختلف عنه الحكومة الفيدرالية التي يقودها الرئيس حسن شيخ محمود. ويشير هذا الاختلاف إلى اختلاف في تفسير الدستور وتطبيقه على مستوى الولايات.
التصعيد العسكري:
نتيجة لهذا الخلاف السياسي، استثمر الجانبان في استراتيجيات عسكرية للسيطرة على جوبالاند. شهدت الولاية حشدًا عسكريًا مكثفًا، حيث أرسل ما لا يقل عن 100 جندي من القوات الفيدرالية إلى جوبالاند، مما دفع قوات جوبالاند إلى التمركز في مواقع استراتيجية في منطقتي إلواك وراسكامبوني. كذلك، تم نشر قوات غورغور المدربة في تركيا ووحدات من شرطة هرمعد، التي كانت قد وصلت إلى المنطقة بشكل مكثف.
وفي الوقت نفسه، أفاد حسن عراقي، قائد الفرقة 18، أن هذه القوات ليست موجهة ضد مادوبي، بل تهدف إلى تولي المسؤولية بعد انتهاء فترة عمل القوات الكينية التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (ATMIS) في ديسمبر 2024. رغم ذلك، لم يتم التحقق من صحة هذه التصريحات بشكل دقيق، مما يزيد من تعقيد الوضع العسكري.
التحركات السياسية:
على الصعيد السياسي، يُقال إن رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، الذي ينحدر من جوبالاند، يقود جهودًا لزعزعة الولاء العسكري والإقليمي لمادوبي. يدعو بري القوات الإقليمية في أفمادو إلى الانشقاق عن مادوبي والانضمام إلى الحكومة الفيدرالية. هذه الخطوة الاستراتيجية تستهدف المناطق التي لا يملك فيها مادوبي نفوذًا كبيرًا، مثل مناطق جيدو، وتعد محاولة لتقويض سلطته في جوبالاند.
الخطر الأمني والآفاق المستقبلية:
مع تزايد خطر فقدان جوبالاند لصالح الحكومة الفيدرالية، أرسل مادوبي تعزيزات من مناطق بولو حاجي والبلدات المجاورة لمواجهة المناورات العسكرية للقوات الفيدرالية. هذا التصعيد يزيد من احتمالات وقوع مواجهة عسكرية مفتوحة، ما قد يشكل تهديدًا للأمن في جوبالاند بأكملها.
وفقًا للمحللين، فإن هذه التوترات قد تعطي فرصة جديدة لحركة الشباب في المنطقة، خاصة بعد خسارتها العديد من المواقع الأمامية في العمليات العسكرية الأخيرة التي نفذها الجيش الوطني الصومالي بدعم من بعثة الاتحاد الأفريقي والقيادة الأمريكية في أفريقيا.
الاستنتاجات:
في ظل هذا التوتر، يبقى الوضع في جوبالاند هشًا للغاية، مع استمرار التنافس على السيطرة السياسية والعسكرية. من جهة، يسعى مادوبي للحفاظ على سلطته ودعم استقرار إقليمه، بينما تحاول الحكومة الفيدرالية تحت قيادة الرئيس حسن شيخ محمود تعديل النظام السياسي في الصومال بما يتماشى مع توجهاتها. قد تؤدي هذه الأزمة إلى تغييرات جوهرية في مشهد السياسة الصومالية، مع التأثير المحتمل على استقرار البلاد بشكل عام.