شنت الجماعات المسلحة السورية، مساء الأربعاء، “هجومًا محدودًا” باتجاه مدينة حلب في شمال سوريا، رداً على الهجمات المستمرة من قبل الحكومة السورية على إدلب، التي تعد معقلًا رئيسيًا للمعارضة المسلحة والجماعات المتطرفة. الهجوم يأتي في وقت حساس حيث تشهد المنطقة تصعيدًا عسكريًا متزايدًا، خصوصًا في إدلب وريف حلب، وسط تقارير تشير لدعم تركيا للعمليات العسكرية.
اشتباكات عنيفة في شمال غرب سوريا
قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أكثر من 153 عنصراً من قوات النظام السوري، بالإضافة إلى مقاتلين من “هيئة تحرير الشام” والفصائل الأخرى، لقوا حتفهم في الاشتباكات العنيفة التي دارت بين الطرفين في شمال غرب سوريا. هذه الاشتباكات تأتي بعد أيام من تصاعد الهجمات الحكومية على إدلب، مما دفع الفصائل المعارضة لفتح جبهة جديدة في سراقب، شرق إدلب، في محاولة للحد من هجمات النظام السوري المدعوم من روسيا.
وتمكنت “الهيئة” والفصائل اليوم من إحكام سيطرتها على قرية شابور قرب مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي والدخول لأحد أحياء المدينة من الجهة الغربية، وسيطرت أيضاً على قريتي داديخ وكفربطيخ بريف إدلب الشرقي، وعلى قريتي كفربسين وأرناز في ريف حلب الغربي بعد مواجهات عنيفة مع قوات النظام، وخلال هذه المعارك،
جبهة سراقب وريف حلب: معركة “ردع العدوان”
وأفادت مصادر سورية أن الفصائل المعارضة بدأت معركة “ردع العدوان” في منطقة سراقب، حيث سيطرت على عدد من القرى المحيطة بالمدينة قبل التقدم للسيطرة على حي غربي من سراقب. في الوقت نفسه، واصلت الفصائل التقدم في ريف حلب الغربي، حيث أعلنت غرفة عمليات “ردع العدوان” عن سيطرتها على عدة قرى من بينها كفرناها، كفرجوم، أرناز، الشيخ علي، وريف المهندسين. بذلك، يرتفع عدد المواقع التي تم السيطرة عليها منذ بداية المعركة إلى أكثر من 20 موقعًا.
دور تركيا: دعم للعملية وتجنب التصعيد
على الرغم من مشاركة بعض الجماعات المتمردة المدعومة من تركيا، بما في ذلك الجيش الوطني السوري، في الهجوم، سعت أنقرة إلى تجنب التصعيد المباشر مع دمشق. وفقًا لمصادر أمنية تركية، كانت أنقرة تهدف إلى تقليل التوترات الإقليمية، خاصة في ظل الأزمات الحالية في غزة ولبنان. وقال المصدر التركي الكبير لموقع “ميدل إيست آي” إن الهجوم الذي كان من المفترض أن يكون “محدودًا” توسع بشكل مفاجئ مع بدء قوات النظام السوري في الانسحاب من مواقعها.
استعادة حدود منطقة خفض التصعيد
العملية العسكرية التي تشنها الفصائل المعارضة تهدف بشكل رئيسي إلى استعادة سيطرة الفصائل على المناطق التي تشكل جزءًا من منطقة خفض التصعيد في إدلب، التي تم الاتفاق عليها بين روسيا وتركيا وإيران في عام 2019. الهجمات المتواصلة من قبل النظام السوري وروسيا كانت قد أدت إلى تقليص هذه المنطقة بعد سيطرة القوات الموالية للنظام السوري على المزيد من الأراضي بالقرب من حلب في انتهاك للاتفاق.
التصعيد في إدلب: تداعيات إنسانية خطيرة
شهدت الأيام الأخيرة تصعيدًا غير مسبوق في الهجمات الحكومية على إدلب، ما أسفر عن مقتل أكثر من 30 مدنيًا وإصابة أكثر من 100 آخرين، كما تعرضت عدة منشآت تعليمية للقصف. في واحدة من الهجمات، قُصِفَت مدرسة قرآنية مما أسفر عن مقتل ثلاثة أطفال وإصابة آخرين بجروح خطيرة.
الجهود التركية لتطبيع العلاقات مع دمشق
وفي وقت سابق من هذا العام، حاولت تركيا إجراء محادثات مع حكومة الأسد في محاولة لتطبيع العلاقات، لكن هذه المحادثات فشلت بسبب مطالبة دمشق بانسحاب القوات التركية من شمال سوريا كشرط مسبق لأي تطبيع.
يأتي الهجوم الذي شنته الجماعات المسلحة السورية باتجاه حلب في وقت حساس، حيث تشير التقارير إلى تصعيد مستمر في شمال غرب سوريا. العملية العسكرية تشكل ردًا على الهجمات المستمرة من الحكومة السورية، في وقت تسعى فيه أنقرة إلى تجنب التصعيد المباشر مع دمشق. في الوقت ذاته، تشهد المنطقة تحديات إنسانية خطيرة، مع سقوط العديد من الضحايا من المدنيين جراء الهجمات المستمرة.