دخلت الاشتباكات المسلحة في الشمالي السوري يومها الثالث، حيث أطلقت هيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة السورية عملية عسكرية واسعة تحت مسمى “ردع العدوان”، والتي استهدفت بشكل رئيسي مناطق ريف حلب.
وتزامن مع هذه العمليات تقدم ملحوظ للفصائل المعارضة على جبهات عدة في حلب وإدلب، وسط مواجهات عنيفة مع الجيش السوري والمليشيات الإيرانية.
التقدم العسكري لفصائل المعارضة
أعلنت هيئة تحرير الشام عن تقدمها في عدة مواقع استراتيجية في ريف حلب. حيث سيطرت الفصائل المسلحة على مساحات واسعة خلال أقل من 10 ساعات من بدء العملية، من بينها الفوج 46 و50 في ريف حلب الغربي، بالإضافة إلى السيطرة على عدة قرى وبلدات في ريف إدلب الشرقي والغربي، مثل تل كراتبين، أبو قنصة، والطلحية. كما شملت السيطرة صوامع خان طومان في ريف حلب الجنوبي والغربي، إلى جانب مواقع أخرى مثل أورم الصغرى، الشيخ عقيل، وعنجارة.
وفي مدينة حلب، دخل مقاتلو هيئة تحرير الشام إلى أول أحيائها، حيث تمكنوا من السيطرة على مركز البحوث العلمية في حي حلب الجديدة. وأكدت الفصائل المسلحة أنها باتت على بعد 2 كم فقط من وسط المدينة، مما يعزز من تقدمهم نحو قلب المدينة.
القصف والمعارك العنيفة
في إطار المعركة الدائرة، نفذت هيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها قصفًا صاروخيًا على السكن الجامعي في مدينة حلب، ما أسفر عن إصابة أحد الطلاب بجروح بالإضافة إلى أضرار مادية في المبنى، ما أثار حالة من الهلع بين الطلاب. وفي المقابل، شنت الطائرات الحربية السورية والروسية نحو 33 غارة على مواقع تقدم الفصائل المسلحة، محاولين إعاقة تقدمهم.
قطع الطرق الاستراتيجية
في خطوة مهمة، تمكنت هيئة تحرير الشام والفصائل من قطع الطريق الدولي دمشق-حلب (m5) عند بلدة الزربة في ريف حلب، كما سيطروا على عقدة الطرق الدولية (m4 و m5) في مدينة سراقب. هذه السيطرة أدت إلى توقف حركة المرور على الطريق بعد أن كان قد تم إعادة فتحه في وقت سابق من قبل قوات النظام.
الرد السوري والهجوم المضاد
ردًا على التقدم السريع للفصائل المعارضة، أعلن الجيش السوري بدء هجوم مضاد في كل من حلب وإدلب. وأكدت وزارة الدفاع السورية أنها تعمل بالتعاون مع “قوات صديقة” لاستعادة المناطق التي خسرتها، وسط تقارير عن تعزيزات عسكرية وتحركات روسية لدعم العمليات العسكرية في المنطقة. كما وصل إلى محور ريف حلب الغربي تعزيزات عسكرية كبيرة من القوات الخاصة في الجيش السوري، حيث شهدت تلك المناطق اشتباكات عنيفة مع المجموعات المسلحة.
ارتفاع عدد القتلى
وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، ارتفع عدد القتلى في المعارك بين الجيش السوري وهيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة إلى 242 قتيلًا. في حين أعلنت العلاقات العامة للحرس الثوري الإيراني عن مقتل العميد كيومارس بورهاشمي، أحد كبار مستشاري الحرس الثوري الإيراني في سوريا، خلال الهجمات التي شنها مقاتلو المعارضة المسلحة في ضواحي مدينة حلب.
التطورات المستقبلية
تستمر الاشتباكات على مشارف مدينة حلب، حيث تواصل هيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة تقدمها في ريف حلب الغربي، وتقترب من مواقع استراتيجية أخرى مثل نبل والزهراء. مع تصاعد المعارك في المنطقة، يبقى الوضع العسكري غير مستقر، في ظل التصعيد المستمر بين الفصائل المعارضة والجيش السوري، مع تدخلات من القوات الروسية والإيرانية، مما يزيد من تعقيد المشهد العسكري في الشمال السوري.