نشرت مجموعة “سيتيزن لاب” البحثية التابعة لجامعة تورنتو في كندا تقريرًا شاملًا يسلط الضوء على كيفية استخدام حكومات إيران و الصين وروسيا وأذربيجان لمفاهيم “النوع الاجتماعي” و”التوجه الجنسي” كأدوات للقمع الرقمي ضد المدافعات عن حقوق الإنسان والصحفيات العابرات للحدود الوطنية.
هذا التقرير، الذي يُعد من بين الأبحاث النادرة من نوعه تم بالتعاون مع عدد من الخبراء والباحثين ويستعرض تجارب 85 امرأة ناشطة في مجال حقوق الإنسان من 24 دولة.
التهديدات والهجمات الرقمية الموجهة ضد النساء الناشطات
يشير التقرير إلى أن الحكومات الاستبدادية في هذه الدول تستهدف النساء الناشطات اللواتي يعارضن الرقابة الحكومية والأعراف الأبوية من خلال شن حملات هجوم إلكتروني تتراوح بين “الإهانات الجنسية” و”الرسائل التي تحتوي على تخيلات جنسية صريحة” و”التهديدات بالاغتصاب” وصولاً إلى “الاعتداءات المتعلقة بحياتهن الشخصية”. وتُعتبر هذه الهجمات محاولة لقمع النساء اللاتي يعبّرن عن آرائهن عبر الإنترنت ويواجهن قمعًا رقميًا يشمل أيضًا تهديدات على أساس “النوع الاجتماعي” و”التوجه الجنسي”.
أظهرت البيانات أن إيران والصين كانت الأكثر استهدافًا، حيث بلغ عدد الحالات لكل منهما 13 حالة تليها روسيا وأذربيجان بمعدل 10 حالات لكل منهما. هذا يشير إلى نطاق واسع من القمع العابر للحدود من قبل هذه الحكومات.
التهديدات القائمة على الأعراف الأبوية وكراهية النساء
يستند التقرير إلى أن هذه الهجمات الرقمية تستهدف في الغالب النساء اللواتي “تحدين الرقابة الحكومية والأعراف الأبوية” عبر تصريحاتهن على منصات الإنترنت.
وتُظهر هذه الهجمات كيف يتم تحريض “كراهية النساء” و”النظام الأبوي” من قبل الحكومات الاستبدادية كوسيلة لقمع الأصوات الناقدة في الخارج وذلك بهدف سياسي محدد يتمثل في إسكات المدافعات عن حقوق الإنسان.
وتتراوح آثار هذه الهجمات من “الإخفاقات المهنية” و”العزلة الاجتماعية” إلى “تدمير العلاقات الشخصية” و”الضغوط النفسية الشديدة” و”الصدمات النفسية” ما يؤدي إلى أضرار عميقة في حياة هذه النساء.
تحديات غياب الدعم والموارد
رغم الإجراءات التي اتخذتها بعض الحكومات المضيفة في بعض الحالات للحد من هذه الهجمات أكدت النساء اللواتي استهدفتهن الهجمات الرقمية بشكل متكرر على نقص الدعم والموارد اللازمة للتصدي لهذه الحملات.
كما أشار التقرير إلى أن منصات التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك” و “إنستغرام” و”إكس” (تويتر سابقًا) فشلت في تقديم استجابة فعالة لهذه الهجمات موضحًا أنه لا يوجد وعي كافٍ بشأن “القمع الرقمي العابر للحدود الوطنية” في هذه الشبكات.
زيادة القمع الرقمي ضد المعارضين المنفيين
ويُلاحظ أيضًا أنه في السنوات الأخيرة، ازدادت الحالات التي تم فيها قمع المعارضين السياسيين المنفيين، وخاصة النساء، من قبل الحكومات الاستبدادية.
في هذا السياق، أشار تقرير “فريدم هاوس” الصادر في أبريل من العام الماضي إلى أن عدد هذه الحالات قد زاد بشكل ملحوظ، ما يدل على محاولة حكومات مثل إيران قمع أي احتجاج ضدها في الخارج، فضلاً عن محاولة إسكات الأصوات المنتقدة على الساحة الدولية.
يستعرض تقرير “سيتيزن لاب” تهديدات القمع الرقمي العابر للحدود التي تواجهها النساء الناشطات في مجال حقوق الإنسان، ويظهر كيف تستخدم الحكومات الاستبدادية مفاهيم “النوع الاجتماعي” و”التوجه الجنسي” كأدوات لقمع أصوات الناقدات في الخارج.
كما يسلط الضوء على تأثير هذه الهجمات على حياة وصحة النساء، ويؤكد الحاجة إلى تحسين الدعم القانوني والتقني للمجتمع الدولي في التصدي لهذه الانتهاكات.