انتشرت جثث جنود الجيش الصومالي خلال معارك مع قوات جوبالاند في راس كامبوني بعد الصراع الدامي يوم الأربعاء الماضي، ما يعكس تصاعد العنف في الصومال. قُتل هؤلاء الجنود على يد قوات من جوبالاند، إحدى ولايات الصومال الإقليمية، في صراع عنيف مدفوع بطموح مقديشو المتهور لإخضاع العشائر المتنافسة.
صرع ينذر بحرب عشائر
وقعت الاشتباكات بعد هجوم شنته القوات الفيدرالية الصومالية على ولاية جوبالاند، وهي واحدة من الولايات الإقليمية التي تسكنها عشيرة دارود، بهدف الإطاحة برئيسها الإقليمي وتنصيب شخصيات موالية لمقديشو. أسفر هذا الهجوم عن مقتل عدد من الجنود الصوماليين على يد قوات جوبالاند، في صراع يندرج في إطار التنافسات العشائرية المستمرة منذ عقود.
600 جندي صومالي فروا إلى كينيا
أعلنت الحكومة الكينية أنها بصدد إعادة 600 جندي صومالي فروا إلى مقاطعة لامو الكينية بعد أن انسحبوا من بلدة رأس كامبوني عقب اشتباكات عنيفة مع قوات الدراويش التابعة لولاية جوبالاند. كان الجيش الصومالي قد نشر مئات الجنود في البلدة ضمن محاولاته لتعزيز السيطرة الفيدرالية على المنطقة، إلا أن قوات جوبالاند تمكنت من استعادة البلدة بعد هجوم مضاد.
التحركات الإقليمية والعلاقات مع إثيوبيا
تصاعدت التوترات بين الصومال وإثيوبيا في أعقاب إرسال طائرة عسكرية إثيوبية إلى كسمايو، عاصمة جوبالاند، محملة بالأسلحة، ما أثار غضب الحكومة الصومالية التي وصفته بأنه “غير مقبول”. وفي هذا السياق، التقى نائب رئيس ولاية جوبالاند، محمود سيد آدم، بالقائد العام للجيش الإثيوبي برهانو جولا في أديس أبابا، حيث تم بحث قضايا أمنية هامة تتعلق بإدارة تحركات الحدود، وتحرير المدن الرئيسية في جوبالاند من قبضة حركة الشباب، وتعزيز التعاون الإقليمي.
>التحديات الداخلية والمخاطر على الاستقرار
تتصاعد المخاوف بشأن تأثير الصراع المستمر بين الحكومة الفيدرالية الصومالية وولاية جوبالاند على استقرار البلاد. ويُعتبر هذا الصراع اختبارًا حقيقيًا للاتفاق المبرم بين الصومال وإثيوبيا في أنقرة، الذي يهدف إلى إصلاح العلاقات بين البلدين وتعزيز التعاون الأمني. حيث من المتوقع أن يلزم الاتفاق إثيوبيا بوقف دعمها لولاية جوبالاند في صراعها ضد الحكومة الفيدرالية، ويعتبر التدخل الإثيوبي انتهاكًا للسيادة الصومالية.
ويحذر مراقبون من أن استمرار سياسة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود تجاه الولايات الصومالية قد يؤدي إلى المزيد من الفوضى في البلاد، خاصة في ظل عدم حل الخصومات العشائرية التي تعود إلى عقود طويلة من العنف. ورغم الدعم الدولي للدولة الصومالية الهشة، إلا أن هذا الدعم لم يساهم بشكل فعال في تحقيق استقرار دائم.
دور المجتمع الدولي وتأثير رفع الحظر على الأسلحة
في ديسمبر 2023، تم رفع حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على الصومال في خطوة مثيرة للجدل في ظل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وهو ما فاقم من قدرة النظام الصومالي على تنفيذ عمليات عسكرية مدمرة. هذا القرار يثير تساؤلات حول دور المجتمع الدولي في تعزيز الاستقرار في الصومال، خاصة وأنه يتحمل مسؤولية جزئية في تفاقم الأزمة المستمرة.
تشير الأحداث الأخيرة في راس كامبوني إلى أن الصومال لا يزال يواجه تحديات كبيرة في محاولاته لتحقيق الاستقرار الداخلي. إن استمرار الصراع بين الحكومة الفيدرالية وولاياتها الإقليمية، إلى جانب التدخلات الإقليمية والدولية، يعكس هشاشة الوضع في البلاد ويضعها على حافة المزيد من الفوضى والدمار.