في خطوة تاريخية، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية عن زيارة بعثة دبلوماسية فرنسية إلى دمشق، المقررة يوم الثلاثاء المقبل، وذلك للمرة الأولى منذ 12 عامًا. ووفقًا لما صرح به وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، في تصريحات لإذاعة “فرانس إنتر” يوم الأحد، فإن هذه الزيارة تأتي في إطار محاولة لتقييم الوضع في سوريا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، وزيارة الدبلوماسيين الفرنسيين للأراضي السورية بهدف إعادة فتح قنوات الاتصال مع السلطات الجديدة.
أهداف الزيارة ومهام الوفد الفرنسي
يتكون الوفد الفرنسي من أربعة دبلوماسيين، وسيتناول عدة أهداف رئيسية خلال زيارتهم إلى سوريا. أول هذه الأهداف هو “استعادة ممتلكات فرنسا في سوريا”، والتي تأثرت خلال سنوات الحرب الطويلة. بالإضافة إلى ذلك، سيسعى الوفد إلى إقامة “اتصالات أولية” مع السلطات السورية الجديدة، التي تسعى لتحقيق الاستقرار بعد أكثر من عقد من الصراع.
كما يعتزم الوفد “تقييم الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسكان”، في خطوة تهدف إلى فهم الأوضاع الميدانية بشكل دقيق وضمان وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب. وفي هذا السياق، سيركز الوفد على “التحقق مما إذا كانت التصريحات التي أدلت بها هذه السلطة الجديدة والتي تدعو إلى الهدوء، ويبدو أنها لم تتورط في انتهاكات، يتم تطبيقها بالفعل على الأرض”.
اللقاء في العقبة وتهيئة الظروف السياسية
قبل هذه الزيارة، قام وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بزيارة للعقبة في الأردن، حيث التقى بمجموعة من الدبلوماسيين الأمريكيين والأوروبيين والعرب والأتراك. وكان الهدف من هذا الاجتماع التنسيق والتباحث بشأن المرحلة الانتقالية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد. وقد أشار بارو إلى أن هذا اللقاء أسهم في “تهيئة الظروف التي يمكن للمجتمع الدولي في ظلها الدخول في حوار مع السلطات السورية الجديدة”.
كما أعرب عن دعم بلاده لأي حكومة انتقالية في سوريا تكون “دولة قانون” وتحترم “حقوق الإنسان”، و”حقوق المرأة”، مع ضرورة مكافحة الإرهاب وتهديدات تنظيم داعش. وتابع أن فرنسا تتابع “بقدر كبير من اليقظة” تطورات الوضع في سوريا، مشيرًا إلى أن السلطات الجديدة في دمشق بحاجة إلى “إفساح المجال أمام سلطة انتقالية تمثل جميع الأديان والطوائف في سوريا” للمساعدة في وضع “دستور جديد” والسعي نحو “انتخابات”.
الأمن وحقوق الإنسان في المرحلة المقبلة
وأكد جان نويل بارو على أهمية اتخاذ تدابير لتوفير الأمن في البلاد، خاصة في ظل التهديدات الإرهابية المستمرة، مشددًا على أن “إسكات الأسلحة” يجب أن يكون أولوية، مع ضرورة “احتواء التهديدات الإرهابية” التي لا تزال تشكل خطرًا كبيرًا على المنطقة.
فيما يتعلق بالجانب الإنساني، أعرب وزير الخارجية الفرنسي عن التزام بلاده “بدون قيد أو شرط” بتعبئة المساعدات الإنسانية التي يجب أن تصل إلى جميع السوريين الذين يعانون من النزاع. وأكد بارو أن النزاع أدى إلى “نزوح سكاني” كبير، مما يستدعي مزيدًا من الدعم والاهتمام من المجتمع الدولي.
تعتبر زيارة البعثة الدبلوماسية الفرنسية إلى دمشق خطوة مهمة نحو بداية مرحلة جديدة في العلاقات الدولية مع السلطات السورية الجديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد. وسيشكل الوفد الفرنسي نقطة انطلاق لفتح حوار مع القيادة الجديدة في سوريا حول القضايا الإنسانية، الأمنية والسياسية، مع التركيز على ضرورة دعم استقرار البلاد وإعادة بناء مؤسساتها.