أكد المتحدث باسم وزارة الخراجية الإيرانية انه سيتم مطالبة النظام الجديد في سوريا بسداد ديون إيران في سوريا، والتي قدرت بميارات الدولارات، وذك باعد سيطرة قائد تحرير الشام أحمد الشرع الجولاني على السلطة في دمشق وإسقاط نظام بشار الأسد.
وصف المتحدث باسم وزارة الخراجية الإيرانية الأرقام المعلنة عن مليارات الدولارات من ديون إيران في سوريا بـ”المبالغ فيها”، وقال إن هذه الديون “لن تختفي”.
في 8 ديسمبر 2024، شهد العالم حدثًا بالغ الأهمية تمثل في سقوط نظام بشار الأسد بعد هروبه إلى روسيا، وهو ما أطلق سلسلة من النقاشات حول العواقب السياسية والجيوسياسية لهذا الحدث على مستوى المنطقة والعالم، وبات التساؤل كيف ستحصل إيران على الأموال التي قدمتها لدعم نظام بشار الأسد.
ورغم أن انهيار نظام بشار الاسد، كان محط اهتمام كبير من حيث تأثيره على هيبة ونفوذ إيران، إلا أن الآثار الاقتصادية لهذا التحول كانت بنفس القدر من الأهمية بالنسبة لإيران.
الخسائر الاقتصادية الإيرانية
في السنوات الماضية، استثمرت إيران مليارات الدولارات في سوريا من أجل دعم نظام بشار الأسد، وهي استثمارات لم تكن قائمة على الاعتبارات الاقتصادية بقدر ما كانت تستند إلى الموقف الجيوسياسي ضد الغرب وإسرائيل.
ومنذ بداية الحرب الأهلية في 2011، أنفقت طهران ما بين 30 إلى 35 مليار دولار على بناء بنية تحتية عسكرية ودعم نظام بشار الأسد بالمال والموارد العسكرية.
هذه الاستثمارات شملت بناء قواعد عسكرية ضخمة مثل قاعدة دير الزور في 2013 التي كلفت نحو 250 مليون دولار، وكذلك إنشاء منشآت أخرى مثل مركز اللاذقية اللوجستي الذي كلف 180 مليون دولار في 2015.
بالإضافة إلى الاستثمارات العسكرية، خصصت إيران مبالغ ضخمة لتجديد وصيانة الأماكن الدينية الشيعية في سوريا، حيث استثمرت نحو ملياري دولار بين عامي 2012 و2022. كما شملت هذه الاستثمارات إعادة بناء مرقدي “السيدة زينب” و”السيدة رقية” في دمشق، وهو مشروع يعكس استراتيجية طهران لتعزيز النفوذ الشيعي في المنطقة.
ومع انهيار نظام الأسد، سقطت هذه الاستثمارات في أيدي القوى السياسية الجديدة في سوريا، التي قد لا تكون متوافقة مع مصالح إيران، مما يعني أن طهران قد تفقد الهيمنة على هذه المناطق والمشاريع.
الاستثمارات الإيرانية في سوريا: بناء النفوذ مقابل خسارة المال
إيران لم تقتصر على تمويل مشاريع عسكرية فقط، بل استثمرت أيضًا في قطاعات اقتصادية استراتيجية في سوريا مثل الطاقة والبنية التحتية. على سبيل المثال، قامت مؤسسة إسكان الثورة الإسلامية، التابعة لروح الله الخميني، باستثمار مبالغ ضخمة لإعادة إعمار مدينة حلب، بتكلفة تجاوزت 1.5 مليار دولار.
بالإضافة إلى ذلك، استثمرت شركات تابعة للحرس الثوري الإيراني في تحديث ميناء طرطوس بمبلغ 1.2 مليار دولار، فضلاً عن مشروع ممر الغاز بين إيران والعراق وسوريا الذي كان يهدف إلى ربط موارد الطاقة الإيرانية بالبحر الأبيض المتوسط.
لكن مع سقوط نظام الأسد، فإن هذه الاستثمارات أصبحت مهددة، حيث قد تبتعد سوريا الجديدة عن إيران وتلجأ إلى دول أخرى، مثل تركيا والسعودية، التي قد تسيطر على الموانئ الحيوية مثل ميناء طرطوس أو اللاذقية، مما يعني تقليص قدرة إيران على تصدير صادراتها إلى البحر الأبيض المتوسط والتحايل على العقوبات الدولية.
خسارة سوق الصادرات الإيرانية
كان لسوريا دور حيوي في تعزيز التجارة الإيرانية، حيث كانت تُمثل سوقًا هامة للسلع الإيرانية التي يمكن تصديرها عبر الأراضي السورية إلى دول أخرى مثل لبنان وأوروبا الشرقية.
وفي عام 2010، وصلت التجارة بين إيران وسوريا إلى أعلى مستوياتها، حيث بلغت قيمتها 475 مليون دولار. ولكن مع سقوط نظام الأسد، من المتوقع أن تخسر إيران هذا السوق الحيوي، مما يعمق من أزمتها الاقتصادية.
بحسب التوقعات الاقتصادية، فإن خسارة السوق السورية قد تؤدي إلى خفض إنتاج الصناعات الإيرانية، خاصة قطاع النسيج، الذي من المتوقع أن يقل إنتاجه بنسبة 12% في النصف الأول من عام 2025.
الآثار على القروض الإيرانية في سوريا
أحد الآثار الاقتصادية الكبرى التي يواجهها الاقتصاد الإيراني جراء انهيار نظام الأسد هو مصير القروض التي قدمتها البنوك الإيرانية للمشاريع في سوريا.
وعلى سبيل المثال، لعب بنك سبه الإيراني دورًا رئيسيًا في تمويل مشاريع الطاقة السورية بمبلغ يصل إلى 1.2 مليار دولار، بينما خصص البنك الوطني الإيراني نحو 850 مليون دولار للمشاريع الزراعية والصناعية في سوريا.
ومع انهيار النظام السوري، أصبح من غير الواضح ما إذا كان سداد هذه القروض سيتم، وهو ما يمثل خسارة اقتصادية ضخمة تقدر بحوالي 3% من الناتج المحلي الإجمالي الإيراني.
إن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا يعد كارثة اقتصادية على إيران، حيث فقدت طهران العديد من الاستثمارات الضخمة التي كانت تهدف إلى تعزيز نفوذها في المنطقة.
وتشير التوقعات إلى أن إيران ستواجه مزيدًا من التحديات الاقتصادية في المستقبل القريب، خصوصًا في ظل فقدانها للأسواق الحيوية والإمكانات اللوجستية التي كانت تستخدمها للتحايل على العقوبات.