أزمة بين الجزائر وفرنسا
كشف الصحف الفرنسية تفاصيل جديدة في الأزمة المشتعلة بين الجزائر وفرنسا، بعد استدعاء السفير الفرنسي، ستيفان روماتي، احتجاجًا على ما تصفه السلطات الجزائرية بـ “الممارسات العدائية” و”المهددة لمصالح الجزائر” من قبل جهاز المخابرات الفرنسي.
ورأت بعض الصحف الفرنسية أن الأزمة المتصاعدة بين باريس والجزائر، والتي تعتبر امتدادًا لتراكم الخلافات بين البلدين، قد تطول لفترة أطول.
صحيفة واست فرانس المحلية أكدت أن استدعاء السفير الفرنسي يعد بيانًا آخر على تزايد التوترات بين البلدين، بينما اعتبرت صحيفة لوموند أن التوترات قد “انتقلت إلى مرحلة أخرى من التصعيد”، موضحة أن الاتهامات الجزائرية هي امتداد لسلسلة من التوترات التي بدأت منذ يوليو/تموز الماضي.
وتعود بداية هذه التوترات إلى الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، وهو الأمر الذي أغضب الجزائر الداعمة لجبهة بوليساريو ولطرح الانفصال. ثم تبع ذلك توتر آخر في نوفمبر/تشرين الثاني عندما تم اعتقال الكاتب الفرنسي بوعلام صنصال، الذي أشار إلى تاريخ اقتطاع الاستعمار الفرنسي جزءًا من الصحراء الشرقية المغربية وضمها للجزائر، مؤكدًا مغربية الصحراء الشرقية.
وأعربت الرئاسة والحكومة الفرنسية عن قلقهما الشديد إزاء اعتقال صنصال، وطالبت بالإفراج الفوري عنه، في حين اتهمت السلطات الجزائرية اليمين المتطرف في فرنسا بالوقوف وراء حملة تستهدف الجزائر.
من جهتها، تساءلت لوموند عن طبيعة الرد الذي هددت به بعض الأوساط الجزائرية. وكانت هناك شائعات حول تجميد الجزائر للتبادلات التجارية مع فرنسا ووقف التوطين البنكي واستخلاص فواتير التوريد والخدمات بين البلدين، وهو ما نفته السلطات الجزائرية، معتبرة أن هذه الأخبار لا أساس لها من الصحة.
وفي تحليلها للتوترات الحالية، أشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن هذه الأزمة قد تكون الأخطر منذ نحو 20 عامًا، مع تساؤلات حول مدى تأثيرها على العلاقات بين البلدين في المستقبل. ونقلت الصحيفة عن مصدر رسمي قوله إن “الأجواء أصبحت صعبة بشكل متزايد وأن شروط استعادة الثقة أصبحت معقدة”.
كما لفتت إلى أن هذه الأزمة قد تطول مقارنةً بأزمات سابقة، مثل تلك التي نشأت بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 2021، عندما اعتبر أن الجزائر قامت على “نظام ريع الذاكرة”، وهو ما أثار غضب السلطات الجزائرية.
أيضًا، نشأت أزمة أخرى على خلفية قضية الناشطة الجزائرية أميرة بوراوي، التي دخلت تونس، وتتهم الجزائر فرنسا بتسهيل خروجها من الأراضي التونسية.
من جانبها، تناولت مجلة شالونج الاقتصادية الفرنسية التراجع الصامت في المبادلات التجارية بين فرنسا والجزائر، مشيرة إلى أن الشركات الفرنسية تواجه صعوبات في توريد سلع وخدمات إلى السوق الجزائرية. وأوضحت المجلة أن بعض الشركات الفرنسية باتت مهددة ومستهدفة من قبل السلطات الجزائرية، خصوصًا الشركات التي تنشط في الصحراء المغربية.
وأضافت أن الجزائر تعمل في صمت على تقليص اعتمادها على المنتجات الفرنسية، في محاولة لتجنب التصادم مع الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد الأزمة التي نشأت مع إسبانيا بسبب موقفها من مغربية الصحراء.
كما أشارت المجلة إلى أن المتعاملين الفرنسيين في الجزائر باتوا يعملون تحت غطاء شركات أجنبية لتفادي القيود غير المعلنة التي تفرضها الجزائر على الشركات الفرنسية.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الأزمة تبرز تدهورًا متسارعًا في العلاقات بين باريس والجزائر، وهو ما يهدد استقرار العلاقات التجارية والسياسية بين البلدين في المستقبل القريب.