زيارة المبعوث الصيني الخاص للصومال وتطورات الاعتراف بأرض الصومال
زار المبعوث الصيني الخاص لمنطقة القرن الأفريقي، شيويه بينج، الصومال في خطوة تهدف إلى التأكيد على دعم بكين للحكومة الفيدرالية الصومالية، بعد تقديم عضو الكونجرس الأمريكي عن الحزب الجمهوري سكوت بيري مشروع قانون يدعو للاعتراف بأرض الصومال “كدولة منفصلة ومستقلة”، التي ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع تايوان، التي تعتبرها بكين جزءاً من الأراضي الصينية.
المبعوث الصيني يزور مقديشو
وخلال زيارة المبعوث الصيني الخاص لمنطقة القرن الأفريقي للعاصمة مقديشو يوم الثلاثاء، التقى شيويه بالرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، حيث أكد دعم الصين الثابت للصومال في حماية سيادته الوطنية وسلامة أراضيه.
تنصيب عرو رئيسا لأرض الصومال
تأتي هذه الزيارة في وقت حساس بعد تنصيب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو رئيساً لأرض الصومال في 12 ديسمبر 2024، وهي منطقة أعلنت استقلالها عن الصومال في عام 1991، ولكنها لم تحظ بأي اعتراف دولي.
وفي هذا السياق، أثار حضور نائب وزير الخارجية التايواني، وو تشيه تشونغ، في حفل تنصيب عرو احتجاجات من الصين، التي ترى تايوان جزءاً من أراضيها وتعارض أي شكل من أشكال التبادل الرسمي بين تايوان وأرض الصومال.
الاعتراف الأمريكي بأرض الصومال
من جهة أخرى، تظهر التطورات الدولية زيادة الدعم السياسي لأرض الصومال في واشنطن، حيث بدأت بعض الأصوات في الكونجرس الأمريكي بالدعوة للاعتراف بالمنطقة كدولة مستقلة. وفي الأسبوع الماضي، قدم عضو الكونجرس الأمريكي عن الحزب الجمهوري سكوت بيري مشروع قانون يدعو للاعتراف بأرض الصومال “كدولة منفصلة ومستقلة”.
كما تم الإشادة بالتزام أرض الصومال بإجراء انتخابات نزيهة وانتقال سلمي للسلطة، وهو ما يعتبر في تناقض حاد مع الوضع الأمني في الصومال التي لا تزال تكافح جماعة الشباب المتطرفة.
معركة النفوذ الأمريكي الصيني
في هذا السياق، تظهر فكرة أن الاعتراف بهذه المنطقة قد يعزز مواقف الولايات المتحدة في منطقة القرن الأفريقي، ويكبح النفوذ المتزايد للصين في المنطقة، حيث تسعى بكين لتعزيز مصالحها الاقتصادية والعسكرية، بما في ذلك قاعدة بحرية في جيبوتي.
منذ بداية القرن الحالي، بدأت الصين في تعزيز نفوذها في منطقة القرن الأفريقي، وقد قامت بتمويل عدة مشاريع بنية تحتية في جيبوتي، مثل ميناء دوراليه ومنطقة التجارة الحرة، كما أسست أول قاعدة عسكرية بحرية لها في الخارج هناك عام 2017. وتهدف بكين من خلال هذه الاستثمارات إلى حماية مصالحها التجارية وضمان تدفق الطاقة والموارد إلى الصين. كما تضع الصين في اعتبارها أن بحر العرب وخليج عدن يمثلان نقطة وصل حيوية لمبادرتها “الحزام والطريق”.
وعلى الجانب الآخر، تسعى الولايات المتحدة للحفاظ على نفوذها في المنطقة من خلال وجودها العسكري، خاصة في جيبوتي، حيث تقع قاعدة “معسكر ليمونييه” الأمريكية. ولكن مع تزايد التحديات من الصين في المنطقة، بما في ذلك نشر قاعدتها العسكرية في جيبوتي، بدأت الولايات المتحدة في التفكير في خيارات بديلة، مثل تعزيز وجودها في أرض الصومال.
تايوان وأرض الصومال
وفيما يتعلق بالتصعيد المحتمل في العلاقات مع الصين، يرى الخبراء أن اعتراف الولايات المتحدة بأرض الصومال قد يشجع المنطقة على تعزيز علاقاتها مع تايوان، وهو ما سيشكل تحدياً لدبلوماسية الصين. إذ أن الاعتراف الأمريكي قد يؤدي إلى تطور العلاقات بين أرض الصومال وإثيوبيا، مما قد يعزز من الصورة الدبلوماسية لأي تفاعل بين أرض الصومال وتايوان في القارة الأفريقية.
الدور الاستراتيجي لأرض الصومال
أرض الصومال، الواقعة على سواحل خليج عدن، تمتاز بموقعها الجغرافي الحيوي، إذ تشرف على مضيق باب المندب، أحد أهم ممرات الشحن البحري في العالم. يمر عبر مضيق باب المندب حوالي 10% من التجارة البحرية العالمية، ما يجعله محط أنظار القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين.
وتعتبر أرض الصومال، التي أعلنت استقلالها عن الصومال في 1991 دون أن تحظى باعتراف دولي، منطقة غنية بالموارد البحرية والهامة من الناحية الاستراتيجية.
وتعتبر الولايات المتحدة أرض الصومال شريكا محتملا في مكافحة الإرهاب، خاصة في مواجهة جماعة “الشباب” المتطرفة التي تهدد الاستقرار في الصومال. في الوقت نفسه، يشهد الكونجرس الأمريكي زيادة في الدعم السياسي لأرض الصومال، مع تزايد الدعوات للاعتراف بها كدولة مستقلة. يتوقع أن يكون هذا الاعتراف خطوة استراتيجية في تعزيز النفوذ الأمريكي في مواجهة الصين في هذه المنطقة الحيوية.
التنافس على النفوذ في منطقة القرن الأفريقي
تتنافس القوى الكبرى في الصومال ومنطقة القرن الأفريقي، حيث يسعى كل طرف لتعزيز نفوذه في واحدة من أكثر المناطق الاستراتيجية في العالم. في هذا السياق، تمثل أرض الصومال ساحة مفتوحة للصراع بين الولايات المتحدة والصين، حيث تسعى الأولى لتعزيز وجودها في المنطقة ومواجهة النفوذ الصيني المتزايد، بينما تحاول الصين التصدي لأي تحركات قد تؤدي إلى اعتراف دولي بالمنطقة أو تعزيز الروابط بينها وبين تايوان.