تطورات خطيرة لأزمة السودان
أعلنت مليشيا الدعم السريع عن نيتها تشكيل حكومة جديدة للإشراف على المناطق الخاضعة لسيطرتها. تأتي هذه الخطوة بعد 20 شهراً من اندلاع الصراع الدامي بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، مما يثير مخاوف جدية بشأن مستقبل وحدة السودان.
تسيطر مليشيا الدعم السريع حالياً على مساحات واسعة من الأراضي السودانية، بما في ذلك أجزاء كبيرة من العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور. ومن شأن هذه الخطوة أن تعزز من قبضتها على هذه المناطق وتضعها على مسار نحو إدارة شؤونها بشكل مستقل.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن الحكومة الجديدة ستكون بقيادة مدنية، وستعمل على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الدعم السريع.
تداعيات خطيرة
من شأن تشكيل حكومة جديدة تابعة لمليشيا الدعم السريع في ظل الظروف الراهنة أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة السودانية، وزيادة الانقسامات بين القوى السياسية والعسكرية. كما يخشى مراقبون أن يؤدي هذا التطور إلى حرب أهلية طويلة الأمد، وتقسيم السودان إلى كيانات سياسية متعددة.
موقف المجتمع الدولي
يطالب المجتمع الدولي بوقف فوري لإطلاق النار، والعودة إلى المسار السياسي لحل الأزمة السودانية. كما دعا المجتمع الدولي الأطراف المتحاربة إلى الحوار والتفاوض من أجل الوصول إلى حل سلمي يحفظ وحدة السودان.
جرائم اغتصاب جماعي واستعباد جنسي ترتكبها قوات الدعم السريع في جنوب كردفان
منذ سبتمبر 2023، ارتكب مقاتلو مليشيا الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معهم سلسلة من الجرائم الوحشية في ولاية جنوب كردفان بالسودان، تشمل جرائم اغتصاب جماعي، استعباد جنسي، قتل، واختطاف ضد عشرات النساء والفتيات. هذه الانتهاكات الخطيرة تمثل تعدياً صارخاً على القانون الإنساني الدولي وقد تصل إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.
وفقا لشهادات الضحايا وشهود العيان التي وثقتها منظمة “هيومن رايتس ووتش”، ارتكب المهاجمون، الذين يرتدون زي مليشيا الدعم السريع أو ينتمون لميليشيات حليفة، أعمال العنف الجنسي بوحشية لم يشهد لها مثيل. في العديد من الحالات، تم اغتصاب النساء والفتيات أمام أفراد أسرهن، وفي بعض الأحيان، تم اغتصابهن بعد قتل أفراد الأسرة.
إحدى الضحايا، هانية، البالغة من العمر 18 عاماً، اختُطفت من منزلها في بلدة فايو عندما كانت حاملاً في شهرها الثالث، وأُحتجزت في قاعدة عسكرية تابعة لمليشيا الدعم السريع حيث تعرضت للاغتصاب المتكرر على مدار ثلاثة أشهر قبل أن تتمكن من الفرار.
دعوة “هيومن رايتس ووتش” للتحرك الدولي
دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين وتقديم الدعم اللازم للضحايا وضمان العدالة. وأكدت المنظمة ضرورة نشر بعثة دولية لحماية المدنيين في السودان، مع توفير الموارد اللازمة لمكافحة العنف الجنسي، مثل الوقاية، التوثيق، وتقديم خدمات شاملة للضحايا.
في تصريح لها، قالت بلقيس والي، المديرة المشاركة لقسم الأزمات والنزاعات في “هيومن رايتس ووتش”: “وصفت الضحايا تعرضهن للاغتصاب الجماعي أمام عائلاتهن، أو لفترات طويلة من الاحتجاز للاستعباد الجنسي على يد مقاتلي قوات الدعم السريع. يجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي التحرك فورا لمساعدة الضحايا، وحماية النساء والفتيات الأخريات، وضمان العدالة لهذه الجرائم الشنيعة”.
هذه الانتهاكات تتفق مع ما توصلت إليه البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في السودان التابعة للأمم المتحدة، والتي أكدت ارتكاب مليشيا الدعم السريع للعنف الجنسي على نطاق واسع، بما يشمل حالات استعباد جنسي متعددة. كما أوصت “هيومن رايتس ووتش” بتعزيز حماية المدنيين من خلال بعثة دولية مجهزة بالموارد اللازمة لمكافحة هذه الجرائم.
وتعد هذه الانتهاكات للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي، ويمكن أن تندرج ضمن جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية إذا ارتكبت ضمن هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد المدنيين. ومع تصاعد هذه الانتهاكات، تبرز الحاجة الملحة إلى تحرك دولي حازم لضمان حماية المدنيين وتحقيق العدالة للضحايا في السودان.