أعلنت جماعة الإخوان المسلمين، يوم الأحد 22 ديسمبر 2024، عن وفاة يوسف ندا، أحد أبرز قياداتها التاريخية، عن عمر ناهز 94 عاما، حيث يعتبر من مؤسسي اقتصاد الجماعة وواحدا من أبرز الشخصيات التي ساهمت في تشكيل إمبراطوريتها المالية على مدار عقود، ويعد وزير خارجية جماعة الإخوان.
من هو يوسف ندا؟
ولد يوسف ندا في مدينة الإسكندرية المصرية عام 1931، وانضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، وهو في سن السابعة عشرة، حصل على شهادة من كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية في بداية الخمسينيات.
وتم اعتقاله بسبب عضويته في الجماعة وقضى عامين في السجن.
بدأ نشاطه التجاري بعد خروجه من السجن في عام 1956، حيث كانت بداية مسيرته المهنية في تجارة منتجات الألبان، قبل أن يوسع نطاق عمله ليشمل العديد من المجالات الاقتصادية.
وفي عام 1960، قرر الهجرة إلى الخارج، حيث بدأ في تأسيس شركات اقتصادية تدعم أهداف جماعة الإخوان.
و عاش لفترة طويلة في سويسرا حيث أسس العديد من الشركات الاقتصادية التي عملت لصالح الإخوان.
العلاقات الدولية:
كان يوسف ندا مسؤولا عن تنسيق العلاقات الدولية للجماعة، حيث عمل على تعزيز الروابط مع فروع الإخوان والجماعات الإسلامية حول العالم، وبناء شبكة من العلاقات السياسية والاقتصادية لدعم الأهداف الاستراتيجية للجماعة.
وخلال حياته، حصل على جنسية العديد من الدول الإسلامية؛ ثم حصل على الجنسية الإيطالية. وإذا أرادت جماعة الإخوان المسلمين أن تنقل رسالة، فإن ندا يتدخل. ففي العراق، تحدث مع صدام حسين، وفي إيران، مع المنشقين، وفي أفغانستان مع أمراء الحرب.
التمويل والدعم المالي:
أسس ندا “بنك التقوى” في جزر البهاما عام 1988، وهو أول بنك إسلامي يعمل خارج الدول الإسلامية، الذي ينشط في مجال المصارف الإسلامية، له مكاتب في لوغانو وليختنشتاين وجزر الباهاما، وغيرها من المواقع.
و لعب هذا البنك دورا حيويا في تمويل أنشطة الجماعة وتوسيع شبكة الدعم المالي للمشاريع التي تدعم أهداف الإخوان.
وشهد البنك نجاحا كبيرا في سنواته الأولى، ما عزز من مكانة ندا كإمبراطور مالي في أوروبا والعالم.
كما كان بنك التقوى هدفا للهجوم بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، حيث اتهم الرئيس الأمريكي جورج بوش ندا بتمويل الهجمات، مما أدى إلى تجميد أصول البنك ووضعه تحت المراقبة الأمنية الغربية.
ورغم فشل المحاولات الأمريكية لإدانته، بقي اسمه في القوائم السوداء المتعلقة بالإرهاب.
وبعد صدور قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضد الأشخاص والمنظمات المرتبطة بـ”أسامة بن لادن أو تنظيم القاعدة أو طالبان”، أصبح ندا منبوذا دوليا.
وقامت سويسرا بحجب كل التمويل ومنعت الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في القائمة من السفر.
ولأن منزل ندا يقع في بلدية كامبيوني، وهي جيب إيطالي في الأراضي السويسرية، فقد كان تحت الإقامة الجبرية فعليًا في السنوات التالية ــ محصورًا في مساحة من الأرض تقل قليلاً عن كيلومتر مربع واحد.
رسميا، تنتهي القصة في 23 سبتمبر 2009. بعد ثماني سنوات، تم شطب اسم يوسف ندا من القائمة السوداء للإرهابيين التابعة للأمم المتحدة.
الدور السياسي والإيديولوجي:
لم يكن ندا مجرد رجل أعمال، بل كان له دور كبير في توجيه سياسات جماعة الإخوان على المستوى الدولي، حيث ساهم في تحديد الاستراتيجيات التي تساعد في تحقيق أهداف الإخوان.
كما شارك في نشر أفكار جماعة الإخوان المسلمين عبر الكتابة والمحاضرات، ما ساعد في توسيع قاعدة دعم الجماعة.
فيلا ندا في سويسرا تحولت إلى وزارة خارجية غير رسمية لجماعة الإخوان المسلمين.
ولكن المؤكد أن ندا يستقبل العديد من الشخصيات المؤثرة في كامبيوني، أغلبهم من الدول الإسلامية ـ من شمال أفريقيا إلى ماليزيا.
وتؤكد الصور الخاصة في منزله المستوى الدبلوماسي لهذه اللقاءات.
محاكمات واتهامات بالإرهاب:
تعرض يوسف ندا لملاحقات قانونية عدة في العديد من الدول. في مصر، كان قد تعرض للمحاكمة غيابيا في 2008، حيث تم اتهامه بتمويل عمليات إرهابية لصالح جماعة الإخوان، وحكم عليه بالسجن 10 سنوات غيابيا. كما تم إدراجه في قوائم الإرهاب في ديسمبر 2024 ضمن 76 من قيادات الجماعة.
الوفاة: توفي يوسف ندا في 22 ديسمبر 2024، بعد حياة مليئة بالتحديات والإنجازات.