كشف تقارير إعلانية: الوجود العسكري الروسي في سوريا وأفريقيا
أظهرت تقارير إعلانية أن روسيا تقوم بتقليص وجودها العسكري في سوريا، بينما تعمل على نقل كميات كبيرة من معداتها العسكرية إلى دول أفريقية، في مقدمتها ليبيا، وأيضا تدخلت في مفاوضات للحصول على قاعدة عسكرية في السودان على البحر الأحمر. بالإضافة إلى علاقتها القوية بدول الساحل الأفريقي وعلى رأسها دولة مالي، وجمهورية أفريقيا الوسطى.
الوجود العسكري الروسي في سوريا وتوجهاته المستقبلية
منذ الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، الحليف التقليدي لموسكو، في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، أظهرت الدراسات أن روسيا قد أزالت جزءا كبيرا من معداتها العسكرية من قواعدها في سوريا، وتستعد للانسحاب الكامل من قاعدة حميمم العسكرية.
وتعتبر خسارة القواعد العسكرية السورية بمثابة انتكاسة استراتيجية لروسيا، حيث شكلت هذه القواعد نقطة انطلاق أساسية لموسكو في استعراض قوتها في الشرق الأوسط وأفريقيا.
الانتقال إلى أفريقيا: ليبيا ومالي والسودان
في مقابل خسارة هذه القواعد، يبدو أن روسيا قد بدأت تعزيز وجودها العسكري في القارة الأفريقية، حيث زادت موسكو من تواجدها العسكري في دول مثل ليبيا ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى. بالإضافة إلى دخول في مفاوضات مع المجلس الانتقالي في السودان للحصول على قاعدة عسكرية على البحر الأحمر.
ولكن على الرغم من هذا التوجه، يشير الخبراء إلى أن هذه البلدان الأفريقية من غير المرجح أن تكون بدائل فعالة للقواعد الروسية في سوريا.
موسكو تمتلك بالفعل عدة قواعد عسكرية في أفريقيا، وقد شهدت هذه القواعد زيادة ملحوظة في السنوات الأخيرة. وتشمل هذه القواعد منشآت في دول مثل ليبيا ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، حيث يتمركز حوالي 1200 مرتزق روسي في هذين بماكو وبانجي.
التحديات اللوجستية لنقل المعدات العسكرية إلى أفريقيا
أحد أبرز التحديات التي تواجه روسيا في هذا الانتقال هو تكاليف نقل المعدات العسكرية من سوريا أو روسيا إلى أفريقيا، ويشمل ذلك تكاليف تشغيل الأساطيل الجوية والبحرية الروسية، إضافة إلى الصعوبات اللوجستية مثل التزود بالوقود في منتصف الطريق.
من المهم أن نلاحظ أن روسيا ستحتاج أيضا إلى الحصول على إذن لعبور المجال الجوي التركي، الأمر الذي قد يزيد من تعقيد هذه العمليات، نظرا للتوترات المستمرة بين روسيا وتركيا.
النشاط العسكري الروسي في السودان
تظهر صور الأقمار الصناعية أن هناك نشاطا متزايدا في قاعدة بحرية عسكرية في السودان. في عام 2019، وقعت موسكو اتفاقية مع الحكومة السودانية لإنشاء قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر. وعلى الرغم من أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت القاعدة تعمل بكامل طاقتها، فإن هذه القاعدة تمثل خطوة استراتيجية لروسيا في المنطقة.
وفي إطار دعمها لحكومة السودان، أرسلت روسيا أسلحة ووقود بملايين الدولارات إلى البلاد. وفقا لتقرير بلومبرغ الصادر في 18 ديسمبر/كانون الأول، فإن هذا التعاون يهدف إلى تغيير ميزان القوى لصالح الجيش السوداني، ويشمل التفاوض على بناء قواعد عسكرية في مدينة بورتسودان الساحلية.
تحليل الحركة الجوية بين روسيا وأفريقيا
أظهرت التحليلات الخاصة بالحركة الجوية أن موسكو أرسلت طائرات شحن إلى ليبيا، حيث كانت هناك حركة جوية غير معتادة بين روسيا وليبيا في الأسابيع الأخيرة. بعض هذه الرحلات الجوية تم تنفيذها من سوريا، بينما كان البعض الآخر من روسيا مباشرة إلى ليبيا.
على الرغم من أن طائرات الشحن الروسية التي عبرت من روسيا إلى ليبيا مرت عبر المجال الجوي التركي، فإن هذه الرحلات الجوية تثير تساؤلات بشأن طبيعة البضائع التي يتم نقلها.
النفوذ السياسي التركي وتحديات روسيا في الوصول إلى أفريقيا
في وقت تواجه فيه روسيا تحديات لوجستية متزايدة في الوصول إلى أفريقيا، قد يعزز هذا من النفوذ السياسي لتركيا ضد روسيا. وأشار معهد دراسة الحرب، ومقره واشنطن، إلى أن هذه التحديات قد تؤدي إلى زيادة تأثير تركيا على روسيا، خاصة في ظل الوضع الحالي من التوترات الإقليمية.
إن تقليص وجود روسيا العسكري في سوريا وتحويل جزء كبير من معداتها إلى القارة الأفريقية يمثل تحولا كبيرا في استراتيجية موسكو العسكرية. ومع أن هذا الانتقال إلى أفريقيا يشكل خطوة مهمة لتأمين مصالحها في المنطقة، إلا أن التحديات اللوجستية والسياسية قد تؤثر على فعالية هذا التحول. وفي الوقت نفسه، فإن الحفاظ على نفوذها العسكري في الشرق الأوسط يعد أمرا بالغ الأهمية لروسيا، وهو ما يجعلها بحاجة إلى الحفاظ على تفاهمات مع القوى الإقليمية مثل تركيا والسودان، والتعامل مع التحديات في القارة الأفريقية بعناية.