التقى محافظ طرطوس أحمد الشامي مع عدد من وجهاء ومثقفي وأعيان المنطقة في أعقاب توتر الأوضاع في الساحل السوري. هذا التوتر جاء بعد انتشار مقاطع فيديو تظهر اقتحاما واعتداء على مقام الشيخ أبي عبد الله الخصيبي، أحد المزارات الدينية للطائفة العلوية في محافظة حلب، حيث تم الترويج لتلك المقاطع على أنها حادثة حديثة، مما أدى إلى تصعيد الأوضاع في المنطقة.
دعوات للتروي وضبط النفس
أثار الفيديو المنتشر موجة من الغضب في أوساط الطائفة العلوية، ما دفع عددا من وجهاء ومشايخ الطائفة العلوية في الساحل السوري إلى المطالبة بالاجتماع مع أحمد الشامي بهدف الرد على هذه الإهانة.
وقد تم الاتفاق على تأجيل الاجتماع إلى حين استعادة “الاعتبار” بعد الهجوم على مقام الشيخ أبي عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي، الذي يعتبر أحد الرموز الدينية الهامة في المجتمع العلوي.
في ذات السياق، خرج عشرات الآلاف من أبناء الطائفة العلوية في مظاهرات حاشدة في مدن حمص واللاذقية وطرطوس والقرداحة في الساحل السوري، احتجاجا على الهجوم المفترض على المقام الديني في حلب. وردد المتظاهرون شعارات تعبر عن وحدة الشعب السوري ورفضهم لأي محاولات لزرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، مثل “بالروح بالدم نفديك يا خصيبي”، و”واحد واحد واحد الشعب السوري واحد”.
وزارة الداخلية وتوضيح الحقائق
من جانبها، أكدت وزارة الداخلية السورية أن الفيديو المتداول هو قديم، ويعود إلى فترة تحرير مدينة حلب من قبل قوات الجيش السوري.
وأوضحت الوزارة أن مجموعات مجهولة هي التي قامت بتسجيل الفيديو ونشره، مشيرة إلى أن الأجهزة الأمنية تبذل جهودا كبيرة لحماية المواقع الدينية والوقفات الثقافية في سوريا، وتحذر من أن إعادة نشر مثل هذه المقاطع يهدف إلى إثارة الفتنة في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد.
دعوات للحوار الوطني وتجنب الطائفية
في اللقاء الذي جمع محافظ طرطوس أحمد الشامي مع وجهاء المدينة، دعا الشامي إلى تحكيم العقل والوعي والتأكيد على أهمية الحوار بين مختلف مكونات المجتمع السوري.
كما شدد على ضرورة الابتعاد عن الطائفية والعمل على بناء سوريا الجديدة التي تشمل جميع أبنائها بكل طوائفهم ودياناتهم. وتناول الشامي أهمية تجنب إثارة النعرات الطائفية والفتن التي تؤدي إلى المزيد من الانقسامات.
الرد على التظاهرات وحظر التجول
في أعقاب التظاهرات، أعلنت السلطات السورية فرض حظر تجول ليلي في مناطق حمص وبانياس وجبلة.
وأكدت وزارة الإعلام السورية أن هذه الخطوة تأتي ضمن جهود حفظ الأمن وضمان استقرار المناطق التي شهدت الاحتجاجات، مناشدة المواطنين بالتزام السكينة والهدوء.
التأكيد على حماية المواقع الدينية
عقب هذه التطورات، أصدر وزير الإعلام في الحكومة السورية المؤقتة محمد العمر بيانا أكد فيه على نهاية عهد التجاذبات الطائفية التي غذاها نظام الأسد المخلوع.
وأوضح العمر أن هناك أيادي خفية تعمل على إثارة الفتن الداخلية، لكن الحكومة السورية ستكون حازمة في التعامل معها لضمان استقرار البلاد. وأشار إلى أن سوريا، بتنوع طوائفها وأعراقها، ستظل حاضنة للتعايش السلمي والمحبة بين جميع أبنائها.
كما أكدت الحكومة السورية التزامها التام بحماية جميع المواقع الدينية والتاريخية في البلاد، واعتبرت هذه المواقع إرثا وطنيا وإنسانيا يجب الحفاظ عليه من أي اعتداء.
ودعت الحكومة إلى تجنب الثأر الفردي، وأشارت إلى أن السبيل الوحيد لتحقيق العدالة هو من خلال القضاء الشرعي، لا عبر انتهاك القانون.
تواجه هيئة تحرير الشام التي أعلنت فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، تحديات كبيرة في كيفية تعاملها مع الأقليات، خاصة المسيحيين والأكراد والعلويين.