أثارت حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جدلا كبيرا بعد إفراجها عن أفراد متهمين بتمويل ودعم تنظيم داعش في تركيا، وقد ارتبطت وسائل الإعلام التركية هذا الإفراج بمطالب من هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع الجولاني، التي يقال إنها نجحت في السيطرة على السلطة في دمشق وإسقاط نظام بشار الأسد.
هذه الحادثة أثارت العديد من التساؤلات حول العلاقات المحتملة بين داعش وهيئة تحرير الشام وتركيا، ومدى استخدام المقاتلين في مهام داخل سوريا أو في دول المنطقة.
الإفراج عن المشتبه بهم في قضايا تمويل داعش
الشرطة التركية والنظام القضائي كانوا قد اعتقلوا العديد من المشتبه بهم في قضايا متعلقة بتنظيم داعش، ومع ذلك، لم تتم إدانة سوى عدد قليل منهم، مما أدى إلى إطلاق سراح معظمهم.
التقارير الأخيرة تشير إلى أن عمليات الإفراج التي نفذتها حكومة أردوغان قد تكون ناتجة عن مفاوضات مع هيئة تحرير الشام، وهي جماعة تضم مقاتلين سابقين من تنظيم القاعدة وداعش، والتي لعبت دورا بارزا في الإطاحة بنظام بشار الأسد.
في محاكمة رفيعة المستوى تضم 19 متهما، تم الإفراج عن 18 منهم في انتظار المحاكمة، بينما تقدم المتهم المتبقي، عماد المشنوق، بطلب للحصول على الجنسية التركية ودفع كفالة بقيمة 500 ألف دولار.
تفاصيل القضية والمشتبه بهم
تواجه المجموعة من المتهمين في هذه القضية تهما تتعلق بتمويل داعش من خلال شبكة تقوم بتحويل مبالغ مالية كبيرة من مدينة الرقة السورية إلى تركيا. استخدم المتهمون شركات واجهة في قطاعات السياحة والمجوهرات لتسهيل التحويلات المالية غير القانونية، حيث تم نقل أكثر من مليار ليرة تركية بين عامي 2017 و2023، عبر طرق غير رسمية للتحويلات المالية.
من بين المتهمين الرئيسيين في القضية كان عماد المشنوق، الذي يزعم أنه أشرف على هذه العمليات المالية وأدار العديد من الشركات التي كانت بمثابة واجهات لتمويل داعش. وتم طلب السجن لمدة تصل إلى 42 عاما للمشنوق، وهو مواطن سوري.
دور المشنوق
وقد كشف تقرير المحكمة عن دور المشنوق في تسهيل عمليات مالية لداعش عبر شركاته، بما في ذلك شركة “بيكو كويومكولوك” المختصة في المجوهرات. كما تم الإشارة إلى أن هذه الشركات استخدمت لأغراض غسل الأموال وعمليات التبادل غير الرسمي للعملات.
ومن المفارقات أن أحد هذه الشركات، “الجواد العقارية”، تم استخدامها أيضا كمكتب للحملة الانتخابية المحلية للرئيس أردوغان في 2023. وقد أثار هذا الارتباط تساؤلات حول استعداد الحكومة التركية لملاحقة المتهمين المرتبطين بشبكات قوية من التنظيمات الإرهابية.
التدخلات السياسية والتساؤلات الدولية
الانتقادات الموجهة إلى الحكومة التركية تشير إلى أن هذه الإفراجات كانت تهدف إلى استرضاء الهيئات الدولية، مثل مجموعة العمل المالي (FATF)، التي وضعت تركيا على “القائمة الرمادية” بسبب أوجه القصور في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ورغم هذه الضغوط الدولية، فإن الإفراج عن المشتبه بهم مرتبط بتساؤلات كبيرة حول ما إذا كانت تركيا جادة في معالجة تمويل الإرهاب.
وقد أعادت هذه القضية إلى الأذهان قضية الهجوم الإرهابي على مطار أتاتورك في إسطنبول عام 2016، حيث تم الإفراج عن المشتبه بهم في ديسمبر 2023، مما أثار تساؤلات حول تأثير التفاوض السياسي على سير العدالة.
تثير الحوادث الأخيرة المتعلقة بالإفراج عن المشتبه بهم في قضايا تمويل داعش في تركيا تساؤلات حول الروابط بين الجماعات المتطرفة وتركيا. كما تطرح هذه القضية أسئلة حول سياسات الحكومة التركية في التعامل مع الإرهاب، وهل سيتم استخدام عناصر داعش في التوجه للقتال داخل سوريا او في دول تشهد صراع بالمنطقة.