منظمتان حقوقيتان دوليتان تعبران عن قلقهما من تصاعد الإعدامات في السعودية
عبرت منظمتان حقوقيتان دوليتان عن قلقهما من تصاعد وتير الإعدامات في السعودية، رغم دعوات الإصلاح التي يروج لها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ونددت المنظمتان، الخميس، بتزايد عمليات الإعدام في السعودية، إذ سجلت المملكة تنفيذ 338 حكماً بالإعدام في العام 2024، وهي حصيلة غير مسبوقة في تاريخ المملكة.
وفقا لتعداد أجرته وكالة فرانس برس استناداً إلى بيانات رسمية، أكدت منظمة “ريبريف” المناهضة للإعدام، والمنظمة الأوروبية-السعودية لحقوق الإنسان (ESOHR) أن العدد يمثل قفزة كبيرة مقارنة بالعامين الماضيين، حيث كانت الحصيلة القياسية السابقة 196 حكماً في عام 2022.
ويعتبر هذا العدد الكبير من عمليات الإعدام في 2024، والذي وصل إلى 345 حالة حسب تقديرات المنظمتين، مؤشراً على تصاعد تطبيق عقوبة الإعدام في السعودية. في حين أشارت المنظمة إلى أن السعودية نفذت 170 حكماً في 2023 و147 في 2022، من بينهم 81 شخصاً في يوم واحد، وهو ما أثار موجة من الانتقادات الدولية. وقد أظهرت “منظمة العفو الدولية” في تقريرها الأخير أن عدد الإعدامات التي سجلتها السعودية في 2024 بلغ 196 حكماً.
إعدامات المخدرات في المقدمة
وأوضحت المنظمتان الحقوقيتان أن هذه الإعدامات شملت أعداداً أكبر من النساء والمواطنين الأجانب، بالإضافة إلى الأفراد المدانين بجرائم مخدرات، وهو ما يتجاوز الأرقام المعتادة في السنوات الماضية.
وأكدت المنظمات أن محاكمات هؤلاء الأفراد تمت أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، التي تعتبر شديدة السرية، في حين أن العشرات منهم حوكموا بتهم تتعلق بالاحتجاجات الشعبية.
كما أشارت إلى استمرار خطر إعدام القاصرين الذين يمكن تنفيذ حكم الإعدام عليهم في أي وقت.
وفيما يتعلق بتوزيع التهم، ذكرت المنظمات أن الجرائم المرتبطة بالمخدرات تشكل السبب الرئيسي في ارتفاع عدد الإعدامات، إذ بلغ عدد من أعدموا بتهم تتعلق بالمخدرات 117 شخصاً في 2024.
وفي المقابل، أعدمت السعودية 49 شخصاً بتهم مرتبطة بالإرهاب، مقارنة بـ33 شخصاً في 2023.
ارتفاع نسبة الأجانب
أما بالنسبة للأجانب، فقد شكلوا نسبة كبيرة من الضحايا، إذ تم إعدام 129 شخصاً من جنسيات متعددة، منهم 84 شخصاً بتهم تتعلق بالمخدرات، وهي زيادة كبيرة مقارنة بالعامين السابقين. في 2023 و2022، لم يتجاوز عدد الأجانب الذين تم إعدامهم 34 شخصاً في كل عام.
الإعدام “كسلاح” سياسي
من جانبه، انتقد المدير القانوني للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، طه الحاجي، استخدام النظام السعودي لعقوبة الإعدام “كسلاح” سياسي، مؤكداً أن هذه العقوبة تستخدم الآن على نطاق أوسع، وتفرض حتى على الأشخاص الذين يتخذون مواقف علنية ضد الحكومة أو على أولئك الذين يتهمون بجرائم أقل.
وأشارت المنظمات الحقوقية إلى أن هذه الإعدامات تقوض جهود المملكة لتلميع صورتها دولياً، خاصة في إطار التعديلات الاجتماعية والاقتصادية التي تعهدت بها ضمن “رؤية 2030” التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وأضافت المنظمات أن هذه الممارسات تتناقض مع المساعي الدولية لتعزيز حقوق الإنسان، وتنتهك المعايير الدولية التي تحظر تنفيذ عقوبة الإعدام في العديد من الحالات.
قلق حقوقي من إعدامات السعودية
في السياق ذاته، اعتبرت جيد بسيوني، مسؤولة فريق “ريبريف” في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن الشركاء الدوليين والسوق العالمية لا يمكنهم التظاهر بعدم معرفة حقيقة هذه الانتهاكات. وأضافت: “هم ملطخون بدماء ضحايا الإعدام أيضاً”.
منظمات حقوقية دولية تعتبر أن هذه الإعدامات تضع المملكة في صدارة الدول الأكثر تنفيذاً لأحكام الإعدام، حيث احتلت السعودية المرتبة الثالثة عالمياً في السنوات الماضية بعد الصين وإيران، وفقاً لمنظمة العفو الدولية.
إجمالاً، يرى مراقبون أن تصاعد عمليات الإعدام في السعودية يطرح تساؤلات جادة حول مدى التزام المملكة بالتزامها بالحقوق الأساسية للفرد، ويشكل تحدياً لجهودها الرامية لتحسين صورتها الدولية.