قضية الاستيلاء على منزل الفنانة بثينة العلي
أثارت قضية الاستيلاء على منزل الفنانة بثينة العلي، التي تنتمي إلى الطائفة العلوية في سوريا، جدلاً واسعاً، بعد أن تم الاستيلاء عليه من قبل شخص يدعى “أبو خليل الدمشقي”، الذي تم تعيينه مؤخراً من قبل سلطة أحمد الشرع الجولاني كمسؤول عن مكتب “عنبر”، المختص بتاريخ سوريا وبيوتها الأثرية.
يدعي أبو خليل الدمشقي أنه المسؤول الجديد عن هذا المنزل المملوك للفنانة الراحلة بثينة العلي، في ظل غياب أي أوراق قانونية تثبت مشروعية إخلائه. ووفقا للتقارير الواردة، يزعم أبو خليل الدمشقي أنه أصبح المسؤول عن المنزل وبدأ بممارسات تثير القلق والتساؤلات حول سلامة الحقوق العقارية.
تزايد التجاوزات والممارسات المشبوهة
لم يقدم أبو خليل الدمشقي أي أوراق قانونية أو مستندات رسمية لدعم مزاعمه بالاستحواز على منزل الفنانة بثينة العلي، بل أعلن في تصريحات غير رسمية أنه هو “القانون” نفسه. وهذا التصريح يعكس حالة من التجاوز للأنظمة القانونية، مما يثير القلق بين أوساط المجتمع السوري في ظل “الحقبة الجديدة” التي يتم الحديث عنها، والتي تشهد تصاعدًا في مثل هذه الممارسات بالسيطرة على الممتلكات الخاصة والحكومية وتراث الشعب السوري.
قضية الطائفة العلوية وتأثيرها على القرار
واحدة من النقاط المثيرة للجدل في هذا الحادث هي حقيقة أن الفنانة بثينة العلي تنتمي إلى الطائفة العلوية، وهو ما يطرح تساؤلات حول إذا ما كانت هذه الخلفية الطائفية قد أثرت في تصرفات أبو خليل الدمشقي، الذي ربما اعتبر نفسه فوق القانون. يتساءل العديد عن الأسباب التي قد تكون وراء استهداف منزل الشخصيات العلوية، خاصة في وقت حساس يسوده الاستقطاب السياسي والطائفي في البلاد.
هل من استجابة من الإدارة؟
من غير الواضح حتى الآن إن كانت هناك أي استجابة رسمية من قبل سلطة أحمد الشرع الجولاني لهذا الوضع، أو إذا كان سيتم اتخاذ أي إجراءات قانونية لوقف هذا الاستيلاء على الممتلكات الخاصة. وتدعو الأصوات المعارضة إلى ضرورة وجود تدخل سريع من أجل ضمان حقوق المواطنين وحمايتهم من الممارسات التعسفية من قبل سلطة الجولاني، والسيطرة على الممتلكات الخاصة والحكومية ذات النزعة الطائفية.
تشير هذه القضية إلى تزايد المخاوف حول تطبيق القانون في سوريا، وتزايد الأوضاع التي تزداد تعقيدًا في ظل ما يصفه البعض بـ “الحقبة الجديدة”، إذ تفتح مثل هذه الحوادث الباب على مصراعيه للتساؤلات حول دور سلطة الجولاني في حماية حقوق المواطنين وضمان احترام القوانين في جميع المجالات.
من هي بثينة علي؟
بثينة العلي، الفنانة السورية المبدعة، هي واحدة من الأسماء اللامعة في مجال الفن المعاصر. ولدت في دمشق عام 1974، وتخرجت من كلية الفنون الجميلة في دمشق عام 1995، ثم نالت دبلوم الدراسات العليا في نفس الكلية عام 1996. في عام 2001، حصلت على دبلوم المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة في باريس، بالإضافة إلى دراسات معمقة في تاريخ الفن الإسلامي، وهو ما منحها قاعدة معرفية واسعة ساعدتها في تطوير أسلوبها الفني الخاص.
بدأت بثينة علي مسيرتها الفنية بتطوير الأسلوب التقليدي في الرسم، لكنها سرعان ما شعرت أن التعبير عن أفكارها يتطلب أكثر من مجرد القماش والألوان التقليدية. من أبرز أعمالها كان معرضها الأول “خيمة” الذي أقامته في حديقة موزارت بباريس وفي دمشق في حديقة المتحف الوطني.
وتستمر بثينة في تقديم أعمال تتحدى البنى التقليدية للأشياء. واحدة من أهم أعمالها كانت “لا تصغ! إنها مجرد امرأة” في عام 2010، حيث استخدمت خزانة تحتوي على ثلاثين حقيبة نسائية وثلاثين جهاز تشغيل صوتي تحتوي على تسجيلات لأصوات نساء من بلدان مختلفة.
ورحلت في أكتوبر 2024، حيث نعت وزارة الثقافة السورية ومديرية الفنون الجميلة وكلية الفنون الجميلة بدمشق، إلى جانب الوسط الثقافي والتشكيلي في سوريا، الفنانة التشكيلية الدكتورة بثينة علي، التي وافتها المنية عن عمر ناهز الخمسين عامًا.