تحولات الوضع السياسي والعسكري في العراق
أكّدت خبيرة يونانية في شؤون الشرق الأوسط، أن الميليشيات العراقية تخلّت عن إيران في مواجهتها مع إسرائيل للحفاظ على مكاسبها داخل العراق، في ظل سقوط نظام بشار الأسد، وانهيار محور إيران في المنطقة “محور المقاومة”، بمقتل قادة حزب الله العسكرية بعد حرب مع إسرائيل.
تحولات في موقف الميليشيات العراقية
أكدت خبيرة شؤون الشرق الأوسط اليونانية، إيفا كولوريوتيس، أن العديد من الميليشيات العراقية المدعومة من إيران قد تخلّت عن دعم طهران في المواجهات مع إسرائيل، وهو ما يعتبر تغيّراً مفاجئاً في المواقف قد يكون ناتجاً عن سعي هذه الميليشيات للحفاظ على قوتها ومكاسبها داخل العراق. وقد ارتبط هذا التغيير بتراجع نفوذ إيران في المنطقة بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، ومقتل قادة حزب الله العسكريين في مواجهة مع إسرائيل، مما أسفر عن تفكك محور المقاومة الذي كان تحت قيادة إيران.
حكومة عراقية تتحرك بعيداً عن طهران
وفقا لخبيرة شؤون الشرق الأوسط اليونانية، بدأت الميليشيات العراقية التي كانت تتبع الأوامر الإيرانية، مثل ميليشيا كتائب حزب الله العراقية، في إعادة تنظيم سياستها الداخلية. وقد سعت الحكومة العراقية الحالية المدعومة من أحزاب وميليشيات كانت خاضعة للنفوذ الإيراني إلى تبني سياسة نأي بالنفس عن الصراع الإيراني الإسرائيلي في المنطقة. كما بدأ العراق في تعزيز علاقاته مع الدول العربية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، في محاولة لتغيير مسار العلاقة مع طهران.
الانقسامات الداخلية في كردستان العراق
من النقاط المهمة التي أشار إليها إيفا كولوريوتيس هو تزايد الانقسام في كردستان العراق بين حزب كردستان العراق المدعوم من الغرب والذي تربطه علاقات قوية مع أنقرة، وبين حزب الاتحاد الوطني الكردستاني المدعوم من إيران والمعادي لتركيا. هذا التوتر قد يؤثر بشكل كبير على استقرار الإقليم، ويزيد من تعقيد المشهد السياسي في العراق.
داعش: تهديد مستمر رغم الضغوط
رغم تراجع نشاط تنظيم داعش في العراق، إلا أن التقرير يشير إلى أن التنظيم لا يزال موجوداً في بعض المناطق في غرب العراق، حيث يحاول إعادة تنظيم قواته ومراقبة الوضع السياسي في بغداد على أمل النهوض مجدداً. وتشكل هذه المجموعات الصغيرة تهديداً مستمراً، حيث تراقب عن كثب أي تقلبات سياسية قد تتيح لها العودة إلى الساحة.
الخطوات الإيرانية المقبلة في العراق
أوضحت كولوريوتيس أن إيران تراقب عن كثب تطورات الوضع في العراق، وكانت قد اتخذت قراراً بوقف الهجمات التي تشنها الميليشيات العراقية المدعومة منها ضد القواعد الأمريكية والأراضي الإسرائيلية. وأكدت أن هذا القرار جاء نتيجة لسببين: الأول تجنب تلقي الميليشيات ضربات عسكرية قد تضعفها، والثاني تمكينها من إعادة تنظيم تحركاتها داخل العراق.
مراقبة القوى الكبرى للأوضاع في العراق
الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا والسعودية تراقب عن كثب التطورات في العراق. الولايات المتحدة، التي تحتفظ بثلاث قواعد عسكرية في العراق، لا ترغب في عودة داعش، كما أنها تسعى إلى منع تحول العراق إلى ساحة معركة بين الميليشيات. ومن جانبها، تدعم الولايات المتحدة حكومة محمد شياع السوداني رغم الضغوط الإيرانية وسياسة النأي بالنفس التي تنتهجها رغم الضغوط التي تفرضها عليها إيران داخلياً. وهذا التوجه الأمريكي ينسجم مع الموقف السعودي الذي يدعم سيطرة الدولة العراقية وإنهاء وجود الميليشيات في العراق. وفي إسرائيل تراقب حكومة نتنياهو تحركات الميليشيات في العراق وتبني لنفسها بنك أهداف من القادة ومخازن الأسلحة والصواريخ لضربهم عندما يحين الوقت، وتبقي نفسها على أهبة الاستعداد في حال اختارت إيران التصعيد عبر الأراضي العراقية. أما تركيا فإن التطورات في شرق سوريا تظل على رأس أولوياتها في الوقت الراهن، لكن أنقرة لن تبقى صامتة إذا حدث أي تغيير في المشهد العراقي.
التغيير في النفوذ الإيراني والعلاقة مع السعودية
رغم محاولات إيران للتمسك بنفوذها في العراق، يشير التقرير إلى أن العراق قد لا يتحرر قريباً من السيطرة الإيرانية. ومع ذلك، يبدو أن الميليشيات العراقية التي خرجت من مظلة النفوذ الإيراني قد اتخذت هذه الخطوة لمصالح شخصية وحزبية، وليس لأسباب وطنية. لكن في الوقت نفسه، بدأ العراق يركز على إعادة بناء علاقاته مع الدول العربية، وخاصة المملكة العربية السعودية، في محاولة للتقليل من تأثير إيران في الشؤون العراقية.
مفترق طرق في العراق
أكد التقرير أن العراق يواجه مرحلة حاسمة في تاريخه المعاصر، حيث قد تفتح هذه التحولات باباً لمستقبل جديد بعيداً عن النفوذ الإيراني، ولكن التحديات الداخلية والخارجية تبقى كبيرة. المعركة السياسية بين الميليشيات والقوى السياسية العراقية، بالإضافة إلى الضغوط الإقليمية والدولية، ستشكل معالم الطريق المقبل للعراق، والتي من المتوقع أن تتضح أكثر خلال العام الحالي.