قررت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تخفيف القيود المفروضة الأمريكية على المساعدات لسوريا في تصرف يعتبر “حسن نية” تجاه حكام دمشق الجدد، مع الإبقاء على العقوبات الأمريكية المعروفة باسم “قيصر”.
وقالت وكالة رويترز نقلاً عن مصادر مطلعة، إن هذا القرار يهدف إلى تحسين الظروف المعيشية في سوريا التي تعاني من تدمير واسع نتيجة الحرب المستمرة، مع استمرار نفوذ العقوبات الأمريكية التي تم فرضها على الحكومة السورية بقيادة بشار الأسد.
تخفيف القيود الأمريكية
الخطوات الأخيرة لإدارة بايدن تتعلق بتقديم إعفاءات للمنظمات والشركات التي توفر الخدمات الأساسية لسوريا، مثل المياه والكهرباء والمساعدات الإنسانية. ومن شأن هذه الإجراءات أن تعزز قدرة هذه الكيانات على تقديم المساعدات للسكان السوريين في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد.
سلطة “هيئة تحرير الشام”
في إطار التحولات السياسية في سوريا بعد سقوط حكم بشار الأسد، كشفت التقارير عن لقاءات بين مسؤولين أمريكيين وأعضاء من حكومة دمشق المؤقتة، التي تديرها هيئة تحرير الشام، وذلك بعد تشكيل الحكومة الجديدة. وفي بداية هذه المرحلة، التقى وفد من وزارة الخارجية الأمريكية بقيادة باربرا ليف مع أحمد الشورى، زعيم هيئة تحرير الشام، في دمشق، حيث تم الإعلان عن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار كانت مخصصة لقائد الهيئة الذي تم إلغاؤه لاحقاً.
ومع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة تصنف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية، رغم تخلصها من علاقاتها السابقة مع تنظيم القاعدة. وتدعو واشنطن إلى التعاون مع هذه المجموعة في قضايا أساسية مثل مكافحة الإرهاب، وضمان تمثيل جميع أطياف الشعب السوري في الحكومة، فضلاً عن حماية حقوق الأقليات الدينية والعرقية والنساء في البلاد.
الإبقاء على “قيصر”
على الرغم من هذه الخطوات التي تتضمن تخفيف القيود، فإن العقوبات الأمريكية، والمعروفة باسم “قانون قيصر”، والتي فرضت بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سوريا، بما في ذلك استخدام أسلحة كيميائية ضد المدنيين، ستظل سارية. وقد أصدر الكونغرس الأمريكي قانون “قيصر” بعد تسريب العديد من الصور من قبل مصور سوري يلقب بـ “القيصر”، تظهر فيها حالات تعذيب وقتل في السجون السورية.
الرد السوري
من جهتها، دعت الحكومة السورية المؤقتة، التي يديرها المعارضون لنظام بشار الأسد، إلى إلغاء العقوبات الأمريكية. وفي زيارة له إلى قطر، طالب وزير خارجية الحكومة المؤقتة بإلغاء هذه العقوبات، التي تقول دمشق إنها تستهدف الحكومة السورية.
خلفية العقوبات
العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على سوريا جاءت في أعقاب الحرب الأهلية التي نشبت عام 2011، والتي أسفرت عن مقتل الآلاف، فضلاً عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية والمرافق العامة. وتشير التقارير إلى أن الحرب قد تسببت في مقتل أكثر من 528 ألف شخص.
التوازن بين المساعدة الإنسانية والضغط السياسي
إن قرار إدارة بايدن بتخفيف القيود على المساعدات الإنسانية لسوريا، مع الإبقاء على العقوبات، يعكس التوازن الدقيق بين تقديم المساعدة الإنسانية من جهة، والحفاظ على الضغط السياسي على الحكومة السورية من جهة أخرى. وتبقى العلاقة مع حكومة دمشق الجديدة وهياكلها السياسية والتعاون مع الجماعات المعارضة ضمن المسائل التي ستحدد مستقبل سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا في المرحلة المقبلة.