يثير هذا التوجه الاستثماري تساؤلات حول مستقبل القطاع الصحي المصري، وتأثيره على قدرة الحكومة المصرية على تقديم خدمات صحية مجانية وعالية الجودة للمواطنين. كما يطرح تساؤلات حول دور القطاع الخاص في توفير الرعاية الصحية، وحاجة الحكومة إلى وضع تشريعات تنظيمية واضحة لضمان حصول المواطنين على الرعاية الصحية بأسعار معقولة.
أحد أبرز التحركات في هذا السياق كانت استحواذات شركة “بريميم هيلثكير جروب”، التي يرأسها الدكتور السعودي صلاح بن زهري بغدادي، حيث قامت الشركة بشراء 5 شركات ومعامل مصرية بقيمة 1.4 مليار جنيه. كانت الشركة تعرف سابقًا باسم “سيتي لاب”، قبل أن تشهد تحولا بعد استحواذ شركة “بريميوم دياجنوستيكس” الإماراتية على حصة 9.37% منها في مايو 2024.
تمكن التحالف الذي يقوده “قمة المشرق الطبية” السعودية، إضافة إلى مجموعة “بريميوم الإماراتية”، من السيطرة على نسب كبيرة من شركات التحاليل والمستشفيات، حيث استحوذت على معامل مثل “حساب” و”كايروكلينكال” و”عز لاب”، إضافة إلى شركة “المعادي لاستحواذات المعامل”. وقد وصلت إجمالي قيم هذه الصفقات إلى مئات الملايين من الجنيهات.
من جانبها، عززت الإمارات وجودها في القطاع الصحي المصري، حيث قامت شركة “جولدمان ساكس إنترناشيونال” الإماراتية بزيادة حصتها في “مستشفى كليوباترا” إلى 5.12% في صفقة قدرت بـ 10.4 مليون جنيه. كما قامت شركة “أبراج الإماراتية” بشراء معامل البرج والمختبر، حيث أتمت صفقة بقيمة تتجاوز المليار جنيه لشراء أكثر من 1800 فرع ومعمل بيولوجي. كما استحوذت كيانات إماراتية على مستشفيات مثل “النيل بدراوي” و”القاهرة التخصصي”، وكذلك مستشفيات أخرى تابعة لشركات إماراتية.
يظهر التنافس الواضح بين السعودية والإمارات في القطاع الصحي المصري في مجالات متعددة، سواء في المعامل الطبية أو المستشفيات. حيث اقتنصت الشركات السعودية معامل “كايرو لاب” و”تكنو سكان” للأشعة، إضافة إلى استحواذها على 9 مستشفيات كبيرة في مناطق مميزة، تشمل مستشفيات “الإسكندرية الدولي” و”ابن سينا التخصصي”.
تكمن الدوافع وراء هذا التوسع في القطاع الصحي في مصر في طبيعة المرضى وارتفاع معدل الأمراض المزمنة في مصر. إذ يقدر أن نسبة 62% من إجمالي الإنفاق الصحي في مصر يأتي من جيوب المواطنين، ما يشير إلى وجود سوق واعدة في ظل ارتفاع نسبة الأمراض المزمنة مثل السكري، وارتفاع ضغط الدم، والفشل الكلوي، فضلاً عن ارتفاع معدلات السرطان.
تعمل العديد من هذه الشركات على توسعة مشاريعها في مصر، حيث أعلنت مجموعة “ألفا الطبية” عن خطط لإنشاء مدينة طبية جديدة على مساحة 60 ألف متر في منطقة الشيخ زايد، وذلك بقدرة استيعابية تصل إلى 1000 سرير خلال 5 سنوات. كما تسعى شركات أخرى لاستحواذ المزيد من الشركات والمستشفيات، في ظل تنامي الحاجة إلى تقديم خدمات طبية متقدمة.
المنافسة السعودية الإماراتية على القطاع الصحي المصري تحمل في طياتها فرصًا وتحديات. فمن ناحية، تساهم هذه الاستثمارات في تطوير القطاع الصحي وتحسين جودة الخدمات المقدمة. ومن ناحية أخرى، يجب على الحكومة اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم تهميش الفئات الضعيفة وتوفير خدمات صحية متاحة للجميع.
رغم الفوائد الاقتصادية التي تجلبها هذه الاستحواذات، إلا أن هناك مخاوف تتعلق بتأثيرها على قدرة القطاع الصحي المصري على تلبية احتياجات الفئات الاجتماعية المختلفة.
Tags: أخبار عاجلهابن سينا التخصصيالإسكندرية الدوليالإماراتيةالاستحواذات الخليجيةالسعوديةالقطاع الصحيالقطاع الصحي المصريالمعامل المصريةالمنشر _الاخبارىالنيل بدراويبريميم هيلثكير جروبتكنو سكانجولدمان ساكس إنترناشيونالسيتي لابشركة التشخيص المتميزشركة العيادة المصريةعز لابمستشفى العيون الدوليمصرمعامل البرجمعامل حسابمعامل كايروكلينكاليحدث في مصر