تحذير من خطر عودة داعش إلى الساحة السورية بعد سقوط نظام الأسد
حذرت الباحثة اليونانية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، إيفا كولوريوتي، من خطر عودة تنظيم داعش إلى الساحة السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، مشيرة إلى أن سيطرة “تحرير الشام” بقيادة أحمد الجولاني على دمشق قد توفر بيئة مناسبة لعودة هذا التنظيم الإرهابي. وقد شددت كولوريوتي على أن هذه العودة قد تفتح الباب للاستفادة لكل من إيران وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في ظل الوضع المعقد الذي تشهده المنطقة.
إيران وقسد المستفيدان الرئيسيان
تعتقد كولوريوتي أن إيران ستكون من أكبر المستفيدين من عودة داعش إلى المنطقة. ففي رأيها، سيشكل التنظيم تهديداً حقيقياً للإدارة السورية الجديدة في دمشق بعد انهيار النظام، وهو ما يصب في مصلحة إيران التي تسعى لزيادة نفوذها في المنطقة.
كما أن عودة داعش ستمكن قوات سوريا الديمقراطية من تعزيز مكانتها كقوة أساسية في محاربة التنظيم، مما سيزيد من دعم الولايات المتحدة وأوروبا لها ويمنع أي تحرك تركي ضدها في شرق سوريا، وفقا للباحثة اليونانية.
وأضافت كولوريوتي أن العراق سيشهد تأثيرات مماثلة، حيث ستؤدي عودة داعش إلى توحيد الشيعة هناك حول طهران، وتوحيد القوى المدعومة من إيران لمكافحة التنظيم، مما يتيح لطهران تعزيز تأثيرها في العراق. وأضافت الباحثة اليونانية هذا الوضع قد يفرض على الولايات المتحدة إعادة ترتيب أولوياتها في المنطقة، مما يفتح المجال أمام المفاوضين الإيرانيين لتحقيق مزيد من التنازلات دون الضغط الأمريكي أو الإسرائيلي.
دور داعش في دعم التدخل الإيراني في المنطقة
كولوريوتي تذكر بأن صعود داعش في سوريا والعراق عام 2014 كان له دور حاسم في تأخير انتصار الثورة السورية لمدة تقارب العشر سنوات. فقد أدى ظهور داعش إلى تبرير التدخل العسكري الإيراني في العراق وسوريا ولبنان تحت غطاء مكافحة الإرهاب، حيث كانت قوات الحرس الثوري الإيراني تشارك في العمليات العسكرية في تلك الدول، مدعومة بالغطاء الجوي الأمريكي.
اليوم، وفي ظل الأوضاع المتغيرة في سوريا والعراق، تتوقع كولوريوتي أن يرى قادة داعش فرصة لعودة التنظيم إلى الساحة، لتستفيد إيران من هذا التطور لتعزيز موقفها في المنطقة، مما يجعل عودة داعش أحد السيناريوهات المحتملة التي قد تساهم في تعديل موازين القوى.
تزايد التهديدات وتحديات قسد
تطرقت كولوريوتي إلى التهديدات المباشرة التي يمكن أن تواجهها قوات سوريا الديمقراطية نتيجة عودة داعش، لاسيما في المخيمات والسجون التي تحتجز فيها قوات “قسد” آلاف من مقاتلي التنظيم. إذ تحتجز قسد نحو 12 ألف مقاتل في عدة سجون بسوريا، بالإضافة إلى مخيم الهول الذي يضم نحو 60 ألف شخص، كثير منهم يعتقد أنهم على صلة بتنظيم داعش.
وتساءلت كولوريوتي: “لماذا قد يختار داعش مهاجمة مخيم الهول؟ وهل يمكن لقوات سوريا الديمقراطية التعامل مع مثل هذا الهجوم بشكل فعال؟” مشيرة إلى فشل قسد في التعامل مع هجوم التنظيم على سجن غويران في وقت سابق.
وأضافت الباحثة اليونانية أن هناك احتمالا كبيرا بأن تكون قوات سوريا الديمقراطية تجد مصلحتها في السماح بعودة داعش، على الرغم من التحديات الكبيرة التي ستواجهها في مواجهة التنظيم.
إيران تسعى لاستغلال الوضع
في سياق متصل، أشارت كولوريوتي إلى زيارة سرية قام بها قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني إلى العراق الأسبوع الماضي، حيث نقل قاآني رسالة من القيادة الإيرانية إلى الميليشيات المدعومة من طهران في العراق.
وأضافت الباحثة اليونانية أن قاآني قد يكون التقى بقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في السليمانية، وهو ما يسلط الضوء على تعقيدات الموقف في شرق سوريا، حيث يهدد تحرك تركي ضد قسد، ما قد يشكل جزءا من التحليل الاستراتيجي الإيراني.
تحذر إيفا كولوريوتي من أن عودة داعش إلى الساحة في سوريا والعراق قد تمثل تهديدا كبيرا لاستقرار المنطقة، لكنها في الوقت ذاته تفتح المجال أمام عدة لاعبين إقليميين للاستفادة من هذا الوضع، وعلى رأسهم إيران وقوات سوريا الديمقراطية. وقد تكون هذه المرحلة من تاريخ المنطقة مرحلة حساسة تتطلب استجابة دقيقة من القوى الدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا، لمنع تصعيد التوترات الإقليمية والحد من مخاطر عودة داعش بشكل كامل إلى الساحة.