الرد الجزائري على التدخل الفرنسي في العلاقات الجزائرية – الفرنسية
أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية اليوم السبت بيانًا قويًا استنكرت فيه تدخل اليمين الفرنسي المتطرف في العلاقات الجزائرية – الفرنسية، واصفة ما حدث بـ “حملة تضليل وتشويه ضد الجزائر”. وجاء هذا الرد عقب التصريحات الحادة التي أدلى بها وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، مساء الجمعة، والتي تهدد بالرد على الموقف الجزائري التصعيدي بعد رفض الجزائر استقبال مؤثر جزائري رحلته فرنسا مؤخرًا.
خلفية الأزمة
بدأت الأزمة الحالية عندما أوقفت السلطات الفرنسية مؤثرًا جزائريًا يدعى نعمان بوعلام، الملقب بـ “دوالمين”، في مدينة مونبلييه جنوب فرنسا، وقامت بإلغاء تصريح إقامته، ثم قامت بترحيله إلى الجزائر يوم الخميس الماضي. وأُتهم بوعلام من قبل السلطات الفرنسية بـ “الدعوة لتعذيب معارضين للنظام الجزائري”، وهو ما دفع الجزائر إلى رفض استقباله.
ووفقًا لتقارير فرنسية، فإن بوعلام كان يعيش في فرنسا منذ أكثر من 36 عامًا، وكان لديه بطاقة إقامة سارية لمدة 15 عامًا. وهو أب لطفلين ويمارس عملًا مستقراً في فرنسا. ومع ذلك، فقد قررت السلطات الجزائرية رفض دخول بوعلام إلى أراضيها، مما أثار تصعيدًا في العلاقات بين البلدين.
الرد الجزائري
في رد فعل سريع، استنكرت وزارة الخارجية الجزائرية، في بيان رسمي، تدخل اليمين الفرنسي المتطرف في الشؤون الجزائرية. وقال البيان إن هذا اليمين الفرنسي “يستغل الوضع للانتقام” ويشدد على أن الجزائر لم تنخرط في التصعيد أو الإذلال تجاه فرنسا، بل على العكس، كانت تتصرف وفقًا للقانون في حماية حقوق مواطنيها.
وأشار البيان أيضًا إلى أن “الطرد التعسفي” لمواطن جزائري من فرنسا كان خطوة مثيرة للجدل. وأوضح أن بوعلام كان له الحق في الدفاع عن نفسه في محاكمة قانونية عادلة، وهو ما لم يتاح له بسبب قرار الطرد المثير للجدل. كما أكدت الجزائر أن فرنسا لم تحترم الاتفاقيات القنصلية بين البلدين المتعلقة بحماية المواطنين الجزائريين.
التهديدات الفرنسية
ردًا على الموقف الجزائري، حذر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو من أن فرنسا قد “ترد” إذا استمر الموقف الجزائري التصعيدي. وطرح بارو بعض الخيارات التي يمكن لفرنسا تفعيلها، مثل تقليص التأشيرات، وتخفيض مساعدات التنمية، وتحديد “عدد معين من مواضيع التعاون الأخرى”.
كما أثار رئيس الوزراء الفرنسي السابق، غابريال أتال، الجدل بتصريحاته، حيث دعا إلى إعادة النظر في الاتفاقية الموقعة بين البلدين عام 1968 والتي تمنح الجزائريين امتيازات في العمل والإقامة داخل فرنسا.
التوترات المستمرة
تعتبر العلاقات بين الجزائر وفرنسا تاريخيًا مضطربة، حيث تشهد بين الحين والآخر توترات بسبب مسائل متعلقة بالذاكرة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، بالإضافة إلى قضايا الهجرة والتعاون الأمني. ويبدو أن هذه الأزمة الأخيرة قد أضافت مزيدًا من التعقيد على العلاقات بين البلدين.
من الواضح أن هذا التصعيد الأخير بين الجزائر وفرنسا يعكس حالة من الاحتقان المستمر بين الطرفين، حيث تواجه العلاقات بينهما تحديات كبيرة تؤثر على التعاون الثنائي في مجالات عدة. ويبدو أن الجزائر، من خلال رفضها استقبال بوعلام، تسعى إلى إظهار استقلاليتها في اتخاذ قراراتها السيادية، فيما تسعى فرنسا إلى حماية مصالحها في المنطقة.