مع اكتمال فصول مشهد إسقاط نظام بشار الأسد في سوريا، تقف تركيا والولايات المتحدة أمام استحقاقات سياسية وأمنية معقدة في مناطق شرق الفرات، حيث تتمركز قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي لطالما كانت محور الخلاف بين أنقرة وواشنطن.
وتتطلب مقاربة مسألة “قوات حماية الشعب” الكردية-“قسد” من واشنطن استخدام استراتيجية متعددة الأوجه توازن بين أهداف مكافحة الإرهاب مع ضرورة الحفاظ على علاقات ثنائية قوية مع أنقرة.اتسمت إدارة بايدن بالوضوح في دعمها لـ “قسد”، حيث تمحور تصورها للتهديد الرئيس في سورية حول “داعش”.
لكنَّ عودة ترمب تُثير الآن تساؤلاً حول المدة الزمنية التي ستواصل فيها واشنطن تقديم دعمها.إذا تمكّن أردوغان من إقناع ترمب بأن قوة مُشتركة من الجيش التركي والجماعات السورية الموالية لأنقرة يُمكن أن تخوض المعركة ضد “داعش” وتحتوي خطر عودة الجهاديين، فإن من المرجح أن تفقد “قسد” الدعم الأمريكي.
ستجد الإدارة السورية الجديدة نفسها مُشتّتة بين الأولويات المُتضاربة لواشنطن وأنقرة. ومع أنَّه سيكون لدى واشنطن نفوذ في قضايا حاسمة، مثل رفع العقوبات، إلا أن النظام الجديد في دمشق قد يكون أكثر ميلاً نحو أولويات تركيا.
اذ بعد رحيل نظام الأسد وتولي حكومة تقودها «هيئة تحرير الشام» زمام الأمور في دمشق، فإن مصير تنظيم «داعش» والأكراد في سورية سيؤثر كثيراً في طبيعة النظام السوري الجديد، وفي مستقبل العلاقات الأمريكية-التركية أيضاً.
وقد دخل «الجيش الوطني السوري»، المدعوم من تركيا، في مواجهة مع «قوات سورية الديمقراطية» (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة، والتي أدت دوراً حاسماً في دحر تنظيم «داعش» واحتوائه.
وتَعتبر أنقرة «قسد» امتداداً لـ «حزب العمال الكردستاني» المحظور في تركيا، والذي تَعتبره واشنطن تنظيماً إرهابياً أيضاً، إلّا أنها تُفرِّق بين المجموعتين الكرديتين ويسمح هذا التفريق لواشنطن بتبرير دعمها لـ «قسد» في سورية.
ووضعت المليشيات الكردية في خلال معظم الحرب في سورية السيطرة على مناطقها في مُقدمة أولوياتها وليس القتال ضد نظام الأسد.
واعتَبرت الولايات المتحدة الأكراد في سورية حلفاءَ طبيعيين في الحرب ضد تنظيم “داعش” الذي احتل مساحات واسعة من سورية والعراق عام 2014. وعملت واشنطن على تدريب وتسليح “وحدات حماية الشعب” الكردية التي اتحدت مع فصائل أخرى لتشكيل “قسد”.
واستفادت “قسد” من الفوضى – التي شكلتها الحرب في سورية والحرب ضد “داعش”– للسيطرة على نحو 25-30% من الأراضي السورية الواقعة شمال شرقي الفرات.
وتمنح سيطرة “قسد” على أجزاء مهمة من شمال شرقي سورية، بما في ذلك حقول النفط المهمة والأراضي الزراعية، نفوذاً جوهرياً في المشهد الجيوسياسي السوري.
وتمكَّن أكراد سورية – الذين يصل عددهم إلى 2.5 مليون نسمة، بنسبة نحو 10% من سكان البلاد – من تحديد المناطق الخاضعة لهم في خلال الحرب، إلّا أنهم يخشون على وضعهم في عهد حكومة ما بعد الأسد بقيادة “هيئة تحرير الشام”، سيما في ظل قلقلهم من توقف الولايات المتحدة عن دعمهم، في تكرار للتجربة التاريخية للأكراد التي توضح كيف استخدمتهم القوى الكبرى ثم تخلت عنهم عند انتفاء الحاجة إليهم.
ومع مضي أسابيع علي سيطرة “إدارة العمليات العسكرية” التابعة لفصائل المعارضة المسلحة في سوريا على العاصمة دمشق، بدأت علاقة الحكومة الجديدة مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تتصدر المشهد، في ظل اتخاذ الأكراد، المسيطرين على مناطق بشمال وشرق البلاد، سلسلة من الخطوات لإثبات حسن نواياهم ونفي فكرة الانفصال.
وفي حين تقول تركيا إن هذه القوات تهدد أمنها القومي باعتبارها امتدادا لحزب العمال الكردستاني، الذي يخوض صراعا مسلحا ضد الدولة التركية منذ ما يزيد عن 40 عاما، تعتبرها الولايات المتحدة شريكا أساسيا في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
سيناريوهات متعددة تفرضها حسابات المصالح الإقليمية والدولية، في وقت تسعى فيه الدولتان للحفاظ على توازن علاقاتهما رغم الخلافات العميقة حول مصير القوات الكردية ومستقبل النفوذ في سوريا.
يأتي هذا في وقت تظهر تركيا، وهي عدوة ” قسد” اللدودة، إصراراً على إنهاء وجودهم العسكري، وعدم القبول بأي دور لهم في المنطقة، وهو ما يلقى اعتراضاً من الولايات المتحدة التي تعتبر “قسد” الحليف الموثوق لها منذ سنوات في محاربة تنظيم “داعش”.
وقالت مصادر مطلع، إن القوات الأميركية المتواجدة في حقل “كونيكو” للغاز بريف دير الزور أشرفت على عمليات نقل أسلحة الجيش السوري من مطار دير الزور، والفوج 137 في دير الزور، وأفواج عسكرية أخرى في مدينتي البوكمال والميادين، لافتين إلى أن من بينها ما يعتقد أن له ارتباطاً بـ”الأسلحة الكيمائية”.
وذكرت المصادر أن الغرض من دخول “قسد” إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات في دير الزور كان منع وصول أسلحة الجيش السوري إلى أيدي مقاتلي فصائل المعارضة المسلحة، وتسليمها بالكامل للقوات الأميركية المتركزة في كل من قاعدتي كونيكو والعمر في دير الزور.
وأوضحت أن انسحاب “قسد” ودخول مقاتلي “إدارة العمليات العسكرية” إلى مدن دير الزور والميادين والبوكمال وصولاً إلى الحدود العراقية تم بعد “وساطة أميركية”، مشيرين إلى أن هذه المفاوضات أسهمت في منع وقوع أي اشتباكات بين الطرفين.
ولم تهدأ هجمات “غرفة عمليات فجر الحرية”، التي تقودها فصائل المعارضة المسلحة التي تسمى نفسها “الجيش الوطني”، والمدعومة بسلاح الجو التركي، على مناطق سيطرة “قسد”، وذلك منذ إعلان سقوط نظام بشار الأسد، الأحد، وسط ترجيحات بأن يكون الهدف من هذا أن تستكمل أنقرة “الحزام الأمني” على الشريط الحدودي الشمالي لسوريا، ومحاولة إضعاف “قسد” والقضاء عليها.
ولم تستمر هجمات تلك الفصائل سوى 4 أيام حتى أعلنت “قسد” الانسحاب بشكل رسمي من مدينة منبج، معتبرةً أن ذلك إثبات لحسن النوايا والرغبة في تحقيق وقف لإطلاق النار في عموم سوريا، من أجل التوجه إلى الانخراط في العملية السياسية.
ورغم خطوة “قسد”، أعلن “الجيش الوطني” عن معركة السيطرة على مدينة عين العرب “كوباني”، في مؤشر على رغبته بعبور نهر الفرات باتجاه الشرق، والبدء بعملية السيطرة على مدن الشريط الحدودي الأخرى في محافظات حلب والرقة والحسكة.ليردف ذلك بإعلان آخر، ذكر فيه أنه “موافق” على “هدنة” في منبج لمدة 4 أيام، من أجل تنفيذ تفاهمات أمنية وإنسانية، منها انسحاب قوات “قسد” وعوائلهم من المدينة.
وبعد رحيل نظام الأسد وتولي حكومة تقودها «هيئة تحرير الشام» زمام الأمور في دمشق، فإن مصير تنظيم «داعش» والأكراد في سورية سيؤثر كثيراً في طبيعة النظام السوري الجديد، وفي مستقبل العلاقات الأمريكية-التركية أيضاً.
وقد دخل «الجيش الوطني السوري»، المدعوم من تركيا، في مواجهة مع «قوات سورية الديمقراطية» (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة، والتي أدت دوراً حاسماً في دحر تنظيم «داعش» واحتوائه.
وتَعتبر أنقرة «قسد» امتداداً لـ «حزب العمال الكردستاني» المحظور في تركيا، والذي تَعتبره واشنطن تنظيماً إرهابياً أيضاً، إلّا أنها تُفرِّق بين المجموعتين الكرديتين ويسمح هذا التفريق لواشنطن بتبرير دعمها لـ «قسد» في سورية.
ووضعت المليشيات الكردية في خلال معظم الحرب في سورية السيطرة على مناطقها في مُقدمة أولوياتها وليس القتال ضد نظام الأسد. واعتَبرت الولايات المتحدة الأكراد في سورية حلفاءَ طبيعيين في الحرب ضد تنظيم “داعش” الذي احتل مساحات واسعة من سورية والعراق عام 2014.
وعملت واشنطن على تدريب وتسليح “وحدات حماية الشعب” الكردية التي اتحدت مع فصائل أخرى لتشكيل “قسد”. واستفادت “قسد” من الفوضى – التي شكلتها الحرب في سورية والحرب ضد “داعش”– للسيطرة على نحو 25-30% من الأراضي السورية الواقعة شمال شرقي الفرات.
وتمنح سيطرة “قسد” على أجزاء مهمة من شمال شرقي سورية، بما في ذلك حقول النفط المهمة والأراضي الزراعية، نفوذاً جوهرياً في المشهد الجيوسياسي السوري.
ووضعت المليشيات الكردية في خلال معظم الحرب في سورية السيطرة على مناطقها في مُقدمة أولوياتها وليس القتال ضد نظام الأسد. واعتَبرت الولايات المتحدة الأكراد في سورية حلفاءَ طبيعيين في الحرب ضد تنظيم “داعش” الذي احتل مساحات واسعة من سورية والعراق عام 2014.
وعملت واشنطن على تدريب وتسليح “وحدات حماية الشعب” الكردية التي اتحدت مع فصائل أخرى لتشكيل “قسد”.
واستفادت “قسد” من الفوضى – التي شكلتها الحرب في سورية والحرب ضد “داعش”– للسيطرة على نحو 25-30% من الأراضي السورية الواقعة شمال شرقي الفرات. وتمنح سيطرة “قسد” على أجزاء مهمة من شمال شرقي سورية، بما في ذلك حقول النفط المهمة والأراضي الزراعية، نفوذاً جوهرياً في المشهد الجيوسياسي السوري.
وتمكَّن أكراد سورية – الذين يصل عددهم إلى 2.5 مليون نسمة، بنسبة نحو 10% من سكان البلاد – من تحديد المناطق الخاضعة لهم في خلال الحرب، إلّا أنهم يخشون على وضعهم في عهد حكومة ما بعد الأسد بقيادة “هيئة تحرير الشام”، سيما في ظل قلقلهم من توقف الولايات المتحدة عن دعمهم، في تكرار للتجربة التاريخية للأكراد التي توضح كيف استخدمتهم القوى الكبرى ثم تخلت عنهم عند انتفاء الحاجة إليهم.