منذ كان رئيسا للاستخبارات، شغل وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الرأي العام الداخلي والخارجي بشأن أدواره السرية، وتزداد التوقعات بمرور الوقت أن يصبح مرشح حزب العدالة والتنمية لخلافة الرئيس رجب طيب أردوغان.
ولا أحد يعلم ربما ما دار في رأس هاكان فيدان، عندما أعلن الرئيس التركي أردوغان اسمه رسميا لتولي وزارة الخارجية، معلنا بذلك خروج الرجل الذي اعتاد دائما العمل وراء الكواليس إلى دائرة الضوء.
من المرجح أن الرجل تدافعت في ذهنه أفكار متضاربة حول الماضي والحاضر والمستقبل القريب، ولا شك أنه استحضر ضمنها اللحظة الأهم والأصعب ليس في مسيرته فحسب، ولكن في تاريخ تركيا السياسي بأسره في العقود الثلاثة الأخيرة.
ورغم أنه انتمى لحزب العدالة والتنمية التركي، منذ وصوله إلى الحكم عام 2002، فإن فيدان كان قد شق طريقه بالفعل. ومنذ ذلك الحين، تدرج في المناصب الحكومية وتنقل بينها، لتتضاعف بذلك خبراته وعلاقاته وقوته داخل البلاد وخارجها.
احتفظ فيدان خلال ذلك، بعلاقة قوية بالرئيس أردوغان منذ كان رئيسا للوزراء، داعما وحاميا له من مؤامرات عديدة استهدفت حياته وحكمه. ما أكسبه ألقابا عدة، بينها: “كاتم أسرار أردوغان”، “الذئب التركي”، “الجندي المجهول”.
ومنذ إعلان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن فترة الحكم الحالية هي الأخيرة بالنسبة إليه، والأسئلة تتوالى بشأن مَن سيخلفه، وتدور التوقعات حول 5 أشخاص من قيادات حزب العدالة والتنمية الحاكم ومن عائلته، بجانب أسماء داخل المعارضة.
وحسب محلليْن سياسيين أتراك فإن الإعلان “لم يحمل مفاجأة”، بينما سيصب أردوغان اهتمامه على أن يستمر حزب العدالة والتنمية الحاكم في السلطة من بعده؛ كي لا يعطي للمعارضة فرصة لتغيير المسار أو ملاحقته قانونيا.
وأعلن الرئيس التركي، أن الانتخابات المحلية المقررة 31 مارس ستكون الأخيرة له، قائلا: “هذه آخر انتخابات لي، وبموجب التفويض الذي يمنحه القانون، هذه هي انتخاباتي الأخيرة (…) النتيجة التي ستتمخض عن (الانتخابات) هي نقل الإرث إلى أشقائي الذين سيأتون من بعدي”.
وفاز أردوغان بأكثر من 12 عملية انتخابية ما بين رئاسة الوزراء ورئاسة البلاد منذ عام 2002، أحدثها انتخابه لفترة رئاسية ثالثة لمدة 5 سنوات خلال انتخابات مايو 2023.
المحلل السياسي التركي، جواد غوك، لا يرى مفاجأة في حديث أردوغان عن مغادرته للسلطة، قائلا إنه سبق وتحدث عن ذلك 3 مرات، في 2009 و2012 و2022، وحديثه هذه المرة بمثابة بالون اختبار للقواعد الشعبية المؤيدة للحزب الحاكم حول مدى ثقتهم في الرئيس.
كما أن حديث الرئيس “يتوافق مع الدستور الذي يمنعه من الترشّح للانتخابات المقبلة بعد ترشحه مرتين منذ تعديل الدستور في 2018، والذي حدّد فترتين فقط في سدة الحكم، وهو يريد توديع المواطنين”، وفق تعبير غوك.
وتولّى أردوغان رئاسة البلاد لأول مرة عام 2014، ليكون الرئيس الـ12 في تاريخ الجمهورية التي تأسست عام 1923، وبعد تعديل دستوري عام 2017 انتخب رئيسا مرتين، الأولى في انتخابات 2018، والأخرى في 2023.
ويقول غوك إن ترشّحه في انتخابات 2023 كان مثار جدل؛ لأنها المرة الثالثة التي يترشّح فيها للرئاسة، بينما الدستور المعدل يقيد الترشّح بمرتين، لكن الحزب الحاكم رد بأن ترشّح انتخابات 2023 كان هو المرة الثانية بعد تعديل دستور.
أما إن أراد الرئيس التركي خوض انتخابات جديدة، فيلزمه تعديل آخر للدستور، كما يوضّح غوك، مضيفا: “وهو أمر شديد الصعوبة حاليا، حيث لا يملك تحالف الأغلبية إمكانية تمريره عبر البرلمان، ولا بد من طرحه للاستفتاء الشعبي، وهذا الموضوع قد لا يلقى قبولا شعبيا”.
ولد هاكان فيدان عام 1968، في العاصمة أنقرة، ودرس في مدرسة اللغات، التابعة للقوات البرية، كما تخرج من الأكاديمية الحربية عام 1986.
وبمجرد تخرجه، انضم إلى القوات التركية في “وحدة التدخل السريع” التابعة لحلف شمال الأطلسي “الناتو” في ألمانيا.وخلال مهمته في الناتو، حصل هاكان فيدان على بكالوريوس العلوم السياسية والإدارية، من جامعة ماريلاند الأمريكية.
في عام 2001، استقال هاكان فيدان من الجيش، ليتحول إلى الدراسة الأكاديمية في قسم العلاقات الدولية بجامعة بيلكنت بالعاصمة أنقرة.
ليحصل من القسم نفسه على الماجستير عام 2003، ثم الدكتوراه عام 2006.درس فيدان أيضا في أكاديمية تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، ومعهد الأمم المتحدة لنزع السلاح، ومركز أبحاث تقنيات التحقق في لندن.هاكان فيدان متزوج وأب لثلاثة أولاد.