صالح منصور يثير الجدل في الأوساط السورية والعربية
أثار صالح منصور، أحد قيادات العلويين في الساحل السوري، جدلا واسعا في الأوساط السورية والعربية بعد إعلانه عن خطوة غير مسبوقة، بعد إعلانه تقديم وثيقة موقعة من ملايين العلويين في سوريا وتركيا ولبنان للأمم المتحدة لطلب الحماية من فرنسا.
ظهور صالح منصور
وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي اليوم مقطع فيديو لصالح منصور ادعى أنه ممثل طائفة العلويين في سوريا، مدعوما بإجماع من العلويين في تركيا وجبل محسن في لبنان. شدد صالح منصور على أن هذه الخطوة تأتي ردا على ما وصفه بـ “استمرار قتل أبناء الطائفة العلوية بسبب انتمائهم المذهبي”، مؤكدا استعداده للتعاون مع أي جهة خارجية لدعم هذا الطلب ريثما يتم تشكيل دولة جديدة. وانتشر مقطع فيديو لتصريحات صالح منصور بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، مما أثار جدلا حادا حول دوافع هذه الخطوة وتداعياتها المحتملة على الوضع في سوريا.
من هو صالح منصور؟
صالح منصور، درس الحقوق من 1989 حتى 1992، بعدها انتسب للجيش طلبا للقمة العيش، حيث خدم في الجيش السوري ضمن الفرقة السابعة باللواء 121 وتولى منصب مسؤول المالية عام 2012. عارض صالح منصور، نظام بشار الأسد، واعتقل عدة مرات بسبب رفضه تنفيذ أوامر بالاعتداء على المدنيين، من قبل محمد محلا رئيس فرع الأمن العسكري، ومرة أخرى من قبل علي أيوب وزير الدفاع “آنذاك” بتهم عدم الانصياع لأوامر عسكرية ورفضه الأوامر بالاعتداء على مدنيين. تم تسريح صالح منصور، 2017 وتجريده من كافة حقوقه المدنية والعسكرية، وبعد عزله انسحب إلى قريته وبدأ يظهر كشخصية عامة متبنيا خطابا يقدم نفسه كشيخ ومتحدث باسم المجتمع المحلي مثيرا جدلا واسعا حول تاريخه ومواقفه السياسية.
ويرى الكثير من المراقبون أن صالح منصور يعد الان الشخصية الأولى البارزة التي تمثل جزء كبير من العلويين في سوريا في الفترة الحالية.
ويقال أن صالح منصور رفض التعاون مع حزب الاستقلال السوري المدعوم من بريطانيا لتقسيم سوريا، وهو يصير ويعول على وحدة الأراضي السورية.
يعد منصور حاليا من أبرز الشخصيات التي تمثل جزءا كبيرا من العلويين في سوريا.
موقف المعارضة من تصريح منصور
وفي هذا السياق، أصدرت حركة الشغل الديمقراطي، التي تضم شخصيات سورية من مختلف المكونات بما فيها معارضين علويين منذ عام 2011، بيانا يدين بشكل غير مباشر خطاب صالح منصور. وأكدت حركة الشغل الديمقراطي رفضها القاطع للدعوات المشبوهة المطالبة بحماية دولية، معتبرة أنها تهدد السلم الأهلي ووحدة البلاد. كما شددت الحركة على ضرورة تفعيل مسارات العدالة الانتقالية وتعزيز السلم الأهلي عبر الحوار الوطني بعيدا عن الطائفية. وأدانت حركة الشغل الديمقراطي أيضا إثارة النعرات الطائفية من قبل رجال دين واستنكرت القرارات الانتقامية وغير القانونية، مثل الصرف التعسفي للموظفين ووقف الرواتب، مؤكدة أن هذه الإجراءات لا تتماشى مع الإعلان الحكومي المؤقت وتضر بالسلم المجتمعي.
مخاوف العلويين في سوريا
أثارت مقاطع الفيديو التي تظهر تجاوزات بحق العلويين في مدن اللاذقية وطرطوس والقرداحة ردود فعل واسعة لدى عدد كبير من أبناء هذه الأقلية، وسط مخاوف متزايدة مما قد يترتب على الأوضاع الأمنية والإنسانية في هذه المناطق بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2025. هذه التطورات تثير قلقا كبيرا بين العلويين الذين يعيشون في هذه المناطق، لا سيما في ظل التصاعد الملموس للأعمال الانتقامية والعنف الطائفي. ويعيش العلويون في مناطق الساحل السوري حالة من الترقب والقلق، حيث يخشون أن يتم تصنيفهم بشكل جماعي كـ “أتباع للنظام السابق”، وهو ما يعرضهم لمخاطر الانتقام بسبب ارتباطهم التاريخي بنظام الأسد. هذا الشعور بالتهديد يظهر بشكل واضح في مناطق اللاذقية وطرطوس والقرداحة، حيث يتحدث العديد من العلويين عن حالة من “الرعب والارتباك”، ويشيرون إلى تقارير متزايدة عن عمليات قتل واختفاء قسري وضرب ومضايقات طائفية ضدهم.
الوضع الأمني في المناطق العلوية
تشير التقارير إلى أن العديد من المناطق العلوية تواجه اضطرابات خطيرة تشمل العنف والانتقام الطائفي، حيث تستهدف جماعات مسلحة موالية لقوى المعارضة المناطق العلوية. عدم وجود سلطة أمنية فاعلة أو وجود شرطة في تلك المناطق يعزز من شعور العلويين بالخوف، مما يذكرهم بتجارب مريرة من الاضطهاد خلال الحقبة العثمانية. وبحسب التحليل الذي أجراه مركز كارنيغي للشرق الأوسط، فإن العلويين يشعرون بعدم الأمان الشديد نتيجة لصعود الجماعات المتطرفة التي تهددهم بشكل علني. وقد أسهم هذا في نشر حالة من الخوف العميق بشأن الانتقام الطائفي الذي قد يطالهم بسبب ارتباطهم بنظام الأسد. في وقت يعاني فيه العلويون من تزايد مشاعر الخوف، ثمة دعوات من داخل الطائفة نفسها لتجنب معاقبة الجميع بسبب تصرفات البعض. الكثير منهم يطالبون بمنح “عفو شامل” بهدف إغلاق صفحة الماضي وبدء مرحلة جديدة من الحوار والمصالحة في سوريا ما بعد الأسد.
التحديات أمام الحكومة السورية الجديدة
تتوجه الأنظار إلى سلطة الامر الواقع في سوريا، التي تقودها هيئة تحرير الشام بعد إسقاطها لنظام الأسد بمساعدة فصائل مسلحة أخرى. ورغم تعهد هذه الحكومة بالتسامح مع الأقليات والعمل على تعزيز السلم الأهلي، فإن غياب الأمن في بعض المناطق وعدم كفاية الإجراءات القانونية للتصدي للأعمال الطائفية يشكل اختبارا حاسما لمدى قدرتها على ضمان الاستقرار في سوريا ما بعد الأسد.