كشف أثري في تابوزيريس ماجنا: رأس تمثال لرجل مسن من العصر البطلمي
نجحت البعثة الأثرية الفرنسية التابعة لجامعة ليون والمعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة، برئاسة Joachim le Bomin، في الكشف عن رأس تمثال رخامي لرجل مسن من العصر البطلمي، وذلك خلال أعمال الحفائر التي تجريها البعثة بمنطقة تابوزيريس ماجنا، الواقعة على بعد 45 كم غرب الإسكندرية شمال مصر. وقد تم العثور على الرأس داخل أطلال منزل يعود إلى القرن السابع الميلادي.
وأكد شريف فتحي، وزير السياحة والآثار، في تصريح له، أن هذا الاكتشاف يعد من الاكتشافات الهامة التي تعكس عمق التاريخ المصري وثرائه، مشيرا إلى أهمية هذا الكشف الذي يسلط الضوء على العصور المختلفة التي مرت بها المنطقة.
وأوضح محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن رأس التمثال المكتشف يصل ارتفاعها إلى حوالي 38 سم، وهو ما يعد أكبر من الحجم الطبيعي لرأس الإنسان. ويشير هذا الحجم الضخم إلى أن الرأس كانت جزءًا من تمثال ضخم كان يقف في مبنى ذي أهمية سياسية أو دينية، وليس في منزل خاص، ما يعكس أهمية الموقع في تلك الفترة الزمنية.
من جانبه، أكد محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، أن الرأس منحوتة بدقة فنية عالية وذات ملامح واقعية، وهو ما يعكس فترة ازدهار فن التصوير الواقعي الذي كان شائعًا في أواخر الحقبة الهلنستية. وأشار إلى أن الدراسات الأولية أظهرت أن الرأس تمثل رجلا مسنًا، حليق الرأس، ويبدو وجهه مليئًا بالتجاعيد ويظهر عليه الصرامة وعلامات المرض.
وأضاف عبد البديع أن الدراسات أكدت أن صاحب الرأس كان شخصية عامة بارزة وليس ملكًا، مما يعكس أهمية موقع تابوزيريس ماجنا منذ العصر البطلمي، بدءًا من عهد بطليموس الرابع.
من جهته، أوضح الدكتور Joachim le Bomin، رئيس البعثة الأثرية، أن البعثة ستواصل أعمالها في الموقع للكشف عن المزيد من التفاصيل حول سبب وجود هذه الرأس في منزل يعود تاريخه إلى فترة متأخرة عن تاريخ الرأس بحوالي 700 عام. كما أشار إلى أن فريق العمل يقوم حاليًا بإجراء مزيد من الدراسات على الرأس في محاولة للتعرف على هوية صاحبها، بالإضافة إلى بدء أعمال الصيانة والترميم اللازمة.
ويعد موقع تابوزيريس ماجنا من أهم المواقع الأثرية في الساحل الشمالي لمصر، حيث كان له مكانة كبيرة في العصور اليونانية الرومانية والبيزنطية. ويحتوي الموقع على العديد من الآثار الهامة مثل معبد ضخم مخصص لعبادة الإله أوزير، الذي سميت المدينة على اسمه، بالإضافة إلى معبد أبو صير، ومقابر البلانتين، والجبانة الضخمة التي تقع غرب وشرق المعبد.
وقد عملت بعثة المعهد الفرنسي للآثار الشرقية في تابوزيريس ماجنا منذ عام 1998، حيث قامت بالعديد من أعمال الحفائر والترميم في مختلف مناطق الموقع، بما في ذلك منطقة الحمام البطلمي الذي يعد من أروع الحمامات العامة المحفوظة من العصر البطلمي، فضلا عن أعمال الحفائر في مقابر البلانتين والمناطق البيزنطية التي تحتوي على منازل وأسواق قديمة.
يعد هذا الكشف خطوة هامة في فهم تاريخ المنطقة وعمقها الحضاري، ويعكس الجهود المستمرة للتنقيب والترميم التي تبذلها البعثات الأجنبية والمحلية في الحفاظ على التراث المصري.










