استفادة الصين من الهجمات الحوثية في البحر الأحمر
كشفت صحيفة “الإيكونوميست” أن الصين استفادت من الهجمات التي شنها جماعة الحوثي على السفن في البحر الأحمر، والتي تسببت في خسائر تقدر بحوالي 200 مليار دولار. ويشير تقرير الصحيفة إلى أن هذه الهجمات، رغم إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، قد تستمر، مما يعكس تأثيرات كبيرة على الاقتصاد الدولي وأمن الملاحة في المنطقة.
التكلفة الاقتصادية للهجمات
وفقا للتقرير، أسفرت الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي على السفن في البحر الأحمر عن زيادة في تكاليف النقل البحري، حيث أضافت الهجمات 175 مليار دولار إلى التكاليف العالمية خلال عشرة أشهر من عام 2024. كما ارتفعت تكلفة شحن الحاويات من شنغهاي إلى روتردام بنسبة خمسة أضعاف مقارنة بالعام السابق، ليصل المبلغ إلى 8200 دولار في يوليو 2024. كذلك، تسببت الهجمات في خسائر فادحة لمصر من خلال تدمير سبعة مليارات دولار من دخل قناة السويس.
زيادة العبور الصيني وتدني تكاليف التأمين
على الرغم من انخفاض عدد السفن التي تمر عبر مضيق باب المندب إلى النصف، فإن العبور الصيني عبر البحر الأحمر قد شهد زيادة كبيرة. ويشكل العبور الصيني الآن حوالي 20% من إجمالي 900 سفينة تعبر البحر الأحمر، بحسب بيانات الأقمار الصناعية. الجدير بالذكر أن تكلفة التأمين على السفن الصينية أقل بكثير من نظيرتها الغربية، حيث تبلغ نسبة التأمين على السفن الصينية 33%، مقارنة بـ 2% فقط على السفن الأميركية والبريطانية، وهو ما يعكس التوجهات السياسية والاقتصادية للصين في المنطقة.
دعم الصين للحوثيين
أشار التقرير إلى أن الصين، من خلال علاقاتها مع إيران، قد تكون قد قدمت الدعم لجماعة الحوثي في السنوات الأخيرة. الصين استفادت من الأمن الناجم عن وجود الأسطول العسكري الأمريكي في البحر الأحمر، وعززت من علاقاتها مع الحوثيين وطهران، مما يهدد استقرار المنطقة ويضغط على التجارة العالمية. في المقابل، من المتوقع أن تستمر جماعة الحوثي في استخدام هذه الهجمات كأداة ضغط في المفاوضات مع السعودية، وهو ما يراه بعض المراقبين تهديدا للسلام والاستقرار في البحر الأحمر.
أرباح شركات الشحن وزيادة التأمين
من الجدير بالذكر أن هجمات جماعة الحوثي في البحر الأحمر أدت إلى زيادة أرباح شركات الشحن الكبرى، مثل ميرسك، حيث سجلت الشركة أرباحا بلغت 3.3 مليار دولار في الربع الثالث من عام 2024، بزيادة نصف مليار دولار عن العام السابق. كما ارتفعت أسعار التأمين في البحر الأحمر بشكل كبير، حيث أكدت شركة تأمين سويدية أن الأسعار قد ارتفعت 20 مرة مقارنة بالفترة السابقة.
التحديات المستمرة والآفاق المستقبلية
على الرغم من تصريحات الحوثيين بشأن وقف الهجمات على السفن في البحر الأحمر بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، فإن العديد من المراقبين يشككون في جدية هذه التصريحات. ويعتقد البعض أن الحوثيين قد يستمرون في شن هجمات بطريقة أخرى، مما يعزز موقفهم في المفاوضات مع السعودية. كما أن شركات الشحن الكبرى مثل ميرسك توقعت أن الشحن من البحر الأحمر قد لا يكون ممكنا حتى عام 2025.
في السياق ذاته، تزايدت الضغوط السياسية في الولايات المتحدة، حيث قدم 15 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ خطة لتصنيف الحوثيين كـ “منظمة إرهابية” في محاولة لتقليص دعمهم وتمويلهم من إيران.
يبدو أن الصراع في البحر الأحمر قد أضاف بعدا آخر للصراعات السياسية والاقتصادية في المنطقة، مع استفادة الصين من الظروف الأمنية الحالية. ومع استمرار التهديدات في المنطقة، يظل الاقتصاد العالمي والتجارة البحرية في مرمى هذه الهجمات التي تفرض تحديات ضخمة على الأمن الملاحي والتجارة الدولية.