اتفاق “وقف إطلاق النار” بين إسرائيل وحركة “حماس” في قطاع غزة
دخل اتفاق “وقف إطلاق النار” بين إسرائيل وحركة “حماس” في قطاع غزة حيز التنفيذ، بعد 15 شهرا من الحرب الإسرائيلية التي تسببت في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم. الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر 2023، خلفت أكثر من 157 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل وأزمة إنسانية لم يسبق لها مثيل.
الدمار في غزة
أسفرت الحرب عن استشهاد 46,899 فلسطينيا على الأقل في قطاع غزة، بينهم 17,581 طفلا و12,048 امرأة، فيما أصيب أكثر من 110,725 آخرين. ولا يزال نحو 11,000 مفقود تحت الركام وفي الطرقات. ومع نهاية عام 2024، انخفض عدد سكان القطاع بنسبة 6%، في ظل تدمير معظم البنى التحتية والمنازل.
أدى العدوان الإسرائيلي إلى تهجير أكثر من 85% من سكان القطاع، أي حوالي 1.93 مليون شخص، من منازلهم بعد تدميرها بالكامل. كما غادر نحو 100 ألف مواطن القطاع منذ بداية العدوان، ليعيش نحو 1.6 مليون شخص في مراكز إيواء غير ملائمة.
الأزمة الإنسانية الحادة
أدى الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة منذ بداية العدوان إلى نقص حاد في المواد الغذائية، المياه، الأدوية، وإمدادات الوقود. هذا النقص الحاد تسبب في مجاعة قاتلة أدت إلى وفاة عشرات الأطفال والمسنين، ووضعت 96% من سكان غزة تحت مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي. ويواجه أكثر من 495 ألف فلسطيني في غزة مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ما يعرض حياة آلاف النساء الحوامل والأطفال للخطر.
التداعيات على التعليم والصحة
تسببت الحرب في حرمان 788 ألف طالب في قطاع غزة من التعليم للعام الثاني على التوالي. كما دمرت القوات الإسرائيلية أكثر من 77 مدرسة حكومية بشكل كامل، بالإضافة إلى تضرر 191 مدرسة أخرى، بما في ذلك مدارس تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). كما دمرت العديد من الجامعات والمستشفيات، مما أدى إلى نقص حاد في الخدمات الصحية والتعليمية.
فيما يخص القطاع الصحي، بقيت 14 مستشفى فقط تعمل جزئيا من أصل 36 مستشفى في القطاع، في ظل نقص حاد في المعدات الطبية والكوادر الطبية المتخصصة. هذا النقص أسهم في تفشي الأمراض وصعوبة الوصول إلى خدمات الطوارئ الصحية.
الدمار الثقافي والتراثي
لم تقتصر الاعتداءات على البنية التحتية والحياة اليومية، بل طالت الثقافة والتراث الفلسطيني في غزة. فقد استشهد 44 كاتبا وفنانا، فيما دمرت العديد من المؤسسات الثقافية والمسرحيات. كما تم تدمير 195 مبنى تاريخيا، وبعض المواقع التراثية في غزة التي تمثل جزءا من ذاكرة المدينة.
الاقتصاد الفلسطيني في غزة
شهدت كافة الأنشطة الاقتصادية في قطاع غزة انهيارا تاما نتيجة العدوان، حيث تراجعت الأنشطة الاقتصادية بنسبة تزيد عن 82%، كما ارتفع معدل البطالة إلى نحو 80%. هذا التدهور الاقتصادي الحاد زاد من معاناة الفلسطينيين، حيث تضرر القطاع الإنتاجي بشكل كبير، مع تعطل آلاف العمال الذين كانوا يعملون في أراضي الـ48.
التصعيد في الضفة الغربية
بالتوازي مع العدوان على غزة، صعدت قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستعمرون من اعتداءاتهم في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس المحتلة. أسفرت هذه الاعتداءات عن استشهاد 835 مواطنا وإصابة الآلاف، بالإضافة إلى تزايد حالات الاعتقال وهدم المنازل والمرافق الفلسطينية. كما جرى تطبيق قوانين عنصرية ضد الفلسطينيين في الداخل، وسط تصعيد العدوان على وكالة “أونروا” التي تقدم خدماتها للاجئين الفلسطينيين.
يأتي اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بعد 15 شهرا من الحرب الدامية التي خلفت دمارا هائلا وأزمة إنسانية كبيرة، لكن التحديات التي تواجه الفلسطينيين لا تنتهي عند هذا الحد. فالمعاناة لا تزال مستمرة في ظل الحصار، والدمار الواسع للبنية التحتية، وتهديدات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة في الضفة الغربية. يحتاج الشعب الفلسطيني إلى دعم دولي عاجل لتخفيف وطأة هذه الأزمة وتحقيق الاستقرار في المنطقة.