انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، تغريدات لنشطاء وإعلاميين بريطانيين يطالبون الحكومة البريطانية باستعادة السيطرة على قناة السويس المصرية، على طريق مطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استعادة السيادة على قناة بنما، في الوقت الذي تدعوا فيه جماعة الإخوان للاحتجاجات واسعة في مصر يوم 25 يناير، ما أثار تساؤلات حول وجود صلة بين الحراكين، والذي جاء بعد أيام من نشر الإعلامي الإخواني محمد منتصر مؤسس “ميدان” لفيديو يظهر احتلال إسرائيل لعبه جزيرة سيناء بالتزامن مع الفوضي في مصر.
فهل هناك علاقة بين دعوات الإخوان للاحتجاجات والمطالبات البريطانية بالسيطرة على قناة السويس؟ وهل يمكن أن تكون هذه التحركات جزءا من مخطط أوسع؟
المطالبات البريطانية:
وطالب اليكس ارمسترونج المعلق السياسي البريطاني في قنوات بريطانية وأمريكية الحكومة البريطانية باستعادة السيطرة على قناة السويس المصرية، كما يسعى ترامب للسيطرة على قناة بنما.
وفي هذا السياق، أشار أرمسترونج إلى عملية ترامب لاستعادة قناة بنما كإشارة إلى إمكانية أن تتخذ بريطانيا خطوات مشابهة تجاه قناة السويس. مثل هذه التصريحات لا تقتصر على الأفراد فقط، بل تبرز تساؤلات حول ما إذا كان هناك توجه رسمي لدى بعض الأوساط البريطانية للعودة للمنطقة.
وقال اليكس ارمسترونج في تغريدة له على “إكس”:” ترامب يستعيد قناة بنما، أعتقد أنه حان الوقت لاستعادة قناة السويس؟”.
قناة السويس ودعوات الإخوان:
في الوقت ذاته، دعت جماعة الإخوان المسلمين في مصر إلى تنظيم احتجاجات واسعة في 25 يناير 2025، وهو اليوم الذي يوافق الذكرى السنوية لثورة يناير 2011.
وعلى الرغم من أن هذه الدعوات تتماشى مع سياق احتجاجات معارضة الحكومة المصرية، إلا أن توقيت هذه الدعوات يتزامن مع مطالبات مثيرة للجدل من قبل بعض الشخصيات البريطانية بخصوص قناة السويس.
وعلى الرغم من أن جماعة الإخوان قد دأبت على الدعوة للاحتجاجات منذ فترة، فإن تزامن هذه الدعوات مع التصريحات البريطانية بشأن قناة السويس قد يفتح الباب أمام التكهنات حول وجود تنسيق أو على الأقل محاولات للتأثير على الأوضاع في مصر.
فيديو احتلال إسرائيل لسيناء
وانتجت مؤسسة ميدان المملوكة للإخواني الهارب محمد منتصر ، فيديو ترويجي متخيل لسيناريو الفوضى في مصر باسم الثورة، وفي الفيلم يظهر دبابة إسرائيلية تدخل الحدود المصرية إلى سيناء عبر معبر رفح.
ومجر ما الدبابات تجدل سيناء من معبر رفح ، تنتشر الفوضى في شوارع واقتحامات المباني الاستراتيجية والحكومية بالاضافة والسجون، وهو ما اعتبره مراقبون رسالة إخوانية لإسرائيل، حلال عليكم سيناء مقابل الحكم في مصر، كما حدث في سوريا بوصول تحرير الشام بقيادة احمد الشرع الجولاني إلى السلطة في سوريا مقابل سيطرة إسرائيل على مناطق في الجولان السوري والقنيطرة والدرعا.
غضب في مصر
تصريحات المعلق السياسي البريطاني أثارت غضب المصريين، وتم الربط بينهم بين دعوات الاخوان المسلمين لثورة في مصر، الذين اعتبروا أن دعوات الإخوان لاحتجاجات 25 يناير تأتي في إطار محاولة لزعزعة استقرار البلاد.
العديد من الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي في مصر ربطوا بين هذه الدعوات والتصريحات البريطانية، معتبرين أن هناك محاولات لتوجيه ضغوط سياسية على الحكومة المصرية.
ويرى البعض أن جماعة الإخوان قد تكون جزءا من محاولات غربية تهدف إلى خلق حالة من الفوضى والاضطراب في المنطقة، في وقت حساس بالنسبة لمصر.
من جهة أخرى، اعتبر عدد من المصريين أن هذا التصريح يتماشى مع محاولات التدخل الخارجي في شؤون مصر.
وأكدوا أن الاستفزازات الخارجية التي تأتي في وقت حساس تهدف إلى الضغط على الحكومة المصرية واستهداف الدولة المصرية وقدراتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية.
وقد تفاعل عدد من المعلقين والسياسيين المصريين مع هذه المطالبات، واعتبروها تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية لمصر.
كما أشاروا إلى أن هناك محاولات لتقويض الاستقرار السياسي في البلاد من خلال استخدام وسائل الإعلام وبعض الأطراف المعارضة، في وقت تشهد فيه مصر نوعا من الاستقرار النسبي بعد سنوات من الاضطرابات.
تاريخ قناة السويس من الحفر إلى التأميم
بدأت أعمال الحفر لقناة السويس في 25 إبريل 1859، بالرغم من اعتراضات الحكومة البريطانية والدولة العثمانية. وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهت المشروع، مثل معارضة القوى الكبرى، تم افتتاح القناة بعد 10 سنوات من العمل الشاق في 18 أغسطس 1869.
وبذلك، تم إنشاء شريان حيوي للملاحة العالمية، حيث تدفقت المياه إلى بحيرة التمساح في 18 نوفمبر 1862، لتلتقي مياه البحرين في 18 أغسطس 1869، منهية عشر سنوات من العمل المتواصل.
تم حفر 74 مليون متر مكعب من التربة، وكانت تكلفة المشروع 433 مليون فرنك (حوالي 17.32 مليون جنيه مصري)، أي ضعف التكلفة المقررة في البداية. ورغم النجاح الباهر، فإن تاريخ قناة السويس يمتد منذ حصول ديليسبس على الامتياز الأول في 1854، مرورا بمراحل عديدة شهدت تغيرات سياسية واقتصادية كبيرة.
الامتيازات والتحولات السياسية:
تم منح ديليسبس الامتياز الأول في 30 نوفمبر 1854، وهو ما مهد الطريق لإنشاء شركة مسؤولة عن حفر القناة. ومن خلال هذا الامتياز، كانت مصر ستحصل على 15% من صافي أرباح الشركة سنويا، في حين كانت الحكومة المصرية تتفاوض مع الشركة على أجرة المرور.
تأسست الشركة العالمية لقناة السويس البحرية في 5 ديسمبر 1858، برأسمال قدره 200 مليون فرنك (8 ملايين جنيه مصري)، حيث كانت حصة مصر في البداية 92,136 سهما، في حين أن بريطانيا والولايات المتحدة والنمسا وروسيا لم تشارك في الطرح العام للأسهم.
في عام 1875، اشترى رئيس الوزراء البريطاني بنيامين دزرائيلي 44% من أسهم الشركة، ما يعني أن مصر أصبحت مالكة لـ31% من أرباح الشركة. في تلك الفترة، كانت فرنسا وبريطانيا تتحكمان في مجريات الأمور بالشركة، حيث امتلكت فرنسا 56% من الأسهم، بينما كانت بريطانيا تملك 44%.
الاحتلال البريطاني:
في مايو 1882، نجحت بريطانيا في احتلال مصر بعد ثورة عرابي، وسيطرت على منشآت الشركة، وأوقفت المرور في القناة لبعض الوقت. وكان هذا الاحتلال جزءا من محاولات بريطانيا للهيمنة على المنطقة.
في 3 يناير 1883، أعلن اللورد جراندفيلد استعداد الحكومة البريطانية لسحب قواتها من مصر عندما تسمح الظروف بذلك. وفي 1885، اجتمعت لجنة دولية في باريس لبحث حرية الملاحة في القناة، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق.
تأميم قناة السويس:
أصبح التاريخ الفعلي لقناة السويس في أذهان المصريين يرتبط بتاريخ تأميم القناة في 6 يوليو 1956، عندما أعلن الرئيس جمال عبد الناصر عن تأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية، مما حولها إلى “شركة مساهمة مصرية”. وبموجب هذا القرار، انتقلت جميع أصول الشركة إلى الدولة المصرية، وتم تعويض المساهمين وفقا لقيمة الأسهم في بورصة باريس.
تم سداد التعويضات للمساهمين في 1 يناير 1963 بمبلغ 28.3 مليون جنيه مصري، ما يمثل 800,000 سهم تم دفع قيمتها بالكامل بالعملة الأجنبية.
العدوان الثلاثي:
ورغم تصاعد التوترات عقب التأميم، تعرضت مصر لهجوم استعمارى شرس من قبل بريطانيا وفرنسا وإسرائيل في ما يعرف بالعدوان الثلاثي في 31 أكتوبر 1956. ورغم أن العدوان أدى إلى إغلاق القناة، فإن معركة السويس كانت نقطة تحول، حيث أظهر المصريون صمودا كبيرا في الدفاع عن القناة، مما ساهم في تعزيز الاستقلال الوطني في مصر والمنطقة.