فتح تقرير أوروبي جديد باب النقاش حول مستقبل ليبيا
فتح تقرير أوروبي جديد باب النقاش حول مستقبل ليبيا، حيث اقترح أن يكون النظام الملكي الدستوري هو الحل الأمثل للخروج من الأزمة المستمرة، منتقداً في الوقت نفسه السياسات التي تتبعها القوى الدولية، وقطع الطريق أمام النفوذ الروسي في ليبيا وأفريقيا.
التقرير والدعوة لإعادة النظر في السياسات
التقرير، الذي نشرته منصة “مراسل الاتحاد الأوروبي” (eureporter)، لفت إلى أن المجتمع الدولي، بقيادة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، تجاهل بشكل كبير احتمالية استعادة الملكية الدستورية كحل فعال للتشرذم السياسي المستمر في ليبيا.
ودعا التقرير المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في سياساته تجاه ليبيا، والعمل على دعم الحلول التي يقبلها الشعب الليبي، بدلاً من فرض حلول من الخارج.
الموقع الاستراتيجي لليبيا وأهمية استقرارها لأوروبا
أشار التقرير إلى أن استقرار ليبيا يشكل عاملاً بالغ الأهمية لأوروبا في عدة مجالات، مثل مكافحة الهجرة غير الشرعية، مواجهة النفوذ الروسي المتزايد في المنطقة، وضمان أمن الطاقة. فقد أتاح الفراغ السياسي المستمر في ليبيا لروسيا، على سبيل المثال، تأسيس موطئ قدم في المنطقة، من خلال دعم المرتزقة الروس وتوسيع وجودها العسكري في البلاد، مما يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الأوروبي.
الفشل السياسي الدولي ومطالبات ليبية بتغيير المسار
منذ سقوط معمر القذافي في 2011، ظل الوضع السياسي في ليبيا في حالة من التدهور، مع تزايد التشرذم الداخلي الذي استغله الانتهازيون في ظل غياب الحكومة الموحدة. وبدلاً من إيجاد حل مستدام، استمرت القوى الدولية، وخاصة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، في تطبيق سياسات فاشلة لم تُسفر عن أي تقدم حقيقي نحو الحل. فعلى الرغم من الدعم الخارجي المتنوع، بما في ذلك دعم الجنرال خليفة حفتر من باريس وأبوظبي وحكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد دبيبة من الاتحاد الأوروبي، لم يتم إحراز أي تقدم ملحوظ نحو تحقيق الاستقرار في البلاد.
الدعوة لاستعادة الملكية الدستورية
في خضم هذه الأزمات، يوجه العديد من الليبيين أنظارهم نحو تاريخهم الوطني بحثًا عن حل بديل: استعادة النظام الملكي الدستوري. إذ قدم النظام الملكي التاريخي في ليبيا، الذي تأسس في 1951 تحت حكم الملك إدريس السنوسي، نموذجًا للحكم الموحد الذي ساعد في تأكيد الهوية الوطنية واستقرار البلاد. ويعتبر ولي العهد محمد السنوسي، الذي يُعتبر الوريث الشرعي للنظام الملكي، اليوم أحد الرموز البارزة التي قد تسهم في استعادة الاستقرار في ليبيا وإعادة بناء مؤسساتها الديمقراطية.
مزايا الملكية الدستورية في استقرار البلاد
تتمتع الملكية الدستورية بالعديد من المزايا التي تجعلها حلًا مناسبًا لليبيا في هذا الوقت العصيب. فهي نظام سياسي مجرب يحقق الاستقرار ويوحد الأمة تحت رمز واحد، كما أنها لا تحمل الفساد والإخفاقات التي صاحبت الأنظمة السابقة في البلاد. على عكس النماذج الجمهورية أو العسكرية التي فشلت في بناء مؤسسات قوية، يوفر النظام الملكي الدستوري إطارًا ديمقراطيًا يمكن أن يشكل بديلاً عمليًا، ويعمل على تحقيق رؤية وطنية موحدة.
الدور الأوروبي في تجاهل الحلول القابلة للتطبيق
على الرغم من نجاح الأنظمة الملكية في تحقيق الاستقرار في دول أخرى، مثل عودة النظام الملكي في فرنسا بعد الثورة الفرنسية وإيطاليا في بداية القرن العشرين، يظل المجتمع الدولي، بقيادة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، متمسكًا بالاستراتيجيات الفاشلة في ليبيا. هذه السياسات المتواصلة أدت إلى تشجيع التدخلات الخارجية التي تعزز مصالح دول معينة على حساب مصالح الشعب الليبي.
ويحذر التقرير من أن استمرار تجاهل الحلول المحلية، مثل استعادة النظام الملكي، سيؤدي إلى تهميش أكبر لدور أوروبا في شمال أفريقيا. هذا التهميش ليس فقط سياسيًا، بل يمتد أيضًا إلى الأمن الأوروبي، حيث أن استقرار ليبيا يعد أمرًا حيويًا بالنسبة لأوروبا في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية في المنطقة.
ختامًا: الوقت لإعادة التفكير في الاستراتيجية
إن إعادة النظام الملكي الدستوري في ليبيا لم يعد مجرد فكرة هامشية. بل أصبحت حلاً جادًا يتم مناقشته داخل البلاد من قبل قوى ليبية محلية، خاصة بعد أن حظي النظام الملكي بقبول متزايد من قبل مختلف الأطراف الليبية. ومع ذلك، تظل الاستراتيجيات الدولية، بما في ذلك سياسات الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، متمسكة بمواقف قديمة لا تقدم حلولًا حقيقية.
من هنا، يشير التقرير إلى أن الوقت قد حان لإعادة التفكير في السياسات المتبعة وتوجيه الدعم نحو الحلول التي يقودها الليبيون أنفسهم، بما في ذلك استعادة النظام الملكي الدستوري، الذي قد يكون المفتاح لتحقيق استقرار البلاد على المدى الطويل.