قرار ترامب بوقف المساعدات الخارجية وتأثيره على إيران
أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف كافة المساعدات الخارجية موجة من القلق والاحتجاجات بين الناشطين الإيرانيين، الذين يرون أن هذا القرار سيشكل دعما غير مباشر للنظام الإيراني في قمع حقوق الإنسان وقمع الأصوات المعارضة داخل إيران.
ويعد هذا القرار جزءا من سياسة “أمريكا أولا” التي تهدف إلى تقليص الإنفاق الأمريكي في الخارج، مما يترك تأثيرا بالغا على العديد من البرامج الداعمة للحرية وحقوق الإنسان في مناطق مختلفة من العالم، بما في ذلك إيران.
أمر ترامب التنفيذي بتعليق المساعدات
أصدر ترامب أمرا تنفيذيا بتعليق المساعدات الخارجية الأمريكية لمدة 90 يوما من أجل مراجعة فعالية تلك المساعدات ومواءمتها مع أولويات السياسة الأمريكية. وكشفت مذكرة داخلية تم توزيعها على المسؤولين الأمريكيين والسفارات، أن وزارة الخارجية قد أوقفت معظم برامج المساعدات الحالية وأوقفت بدء مساعدات جديدة، بما في ذلك المساعدات التي كانت تقدم لبرامج حقوق الإنسان في إيران.
التأثير على البرامج الداعمة للحقوق في إيران
تعد الولايات المتحدة أكبر جهة مانحة للمساعدات الدولية في العالم، حيث أنفقت في العام المالي 2024 أكثر من 39 مليار دولار على المساعدات الخارجية، بما في ذلك 65 مليون دولار على برنامج “الديمقراطية الإقليمية في الشرق الأدنى” (NERD) الذي يهدف إلى دعم حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة في إيران.
منذ عام 2009، كان هذا البرنامج أحد أبرز المصادر التي قدمت الدعم للمجتمع المدني الإيراني، بما في ذلك المنظمات التي توثق انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، وبرامج دعم الإنترنت ووسائل الإعلام التي تساهم في تجاوز الرقابة الحكومية.
وقد صرح أحد المستفيدين من مساعدات وزارة الخارجية الأمريكية أن الجهات المعنية تم إبلاغها رسميا بوقف كافة الأنشطة المتعلقة بهذا البرنامج، مع تعليق الأنشطة الجديدة والالتزامات المالية حتى إشعار آخر.
تأثير قطع المساعدات على الخدمات الحيوية
أثر القرار بشكل مباشر على العديد من منظمات حقوق الإنسان الإيرانية التي تعمل على توثيق الانتهاكات وتقديم تقارير للمجتمع الدولي، بالإضافة إلى وسائل الإعلام التي تقدم الأخبار غير الخاضعة للرقابة للمواطنين الإيرانيين.
كما تلعب هذه المساعدات دورا حيويا في توفير خدمات VPN (الشبكات الخاصة الافتراضية) التي يستخدمها المواطنون الإيرانيون لتجاوز الرقابة على الإنترنت التي تفرضها الحكومة.
وفقا للتقرير، سيحرم 20 مليون إيراني من هذه الخدمات التي تعتبر ضرورية للتواصل مع العالم الخارجي، وهو ما يعرضهم للمزيد من العزلة المعلوماتية.
التطورات الأخيرة في دعم تجاوز الرقابة
خلال فترة رئاسة ترامب الأولى، شهدت الشركات التكنولوجية المدعومة من الحكومة الأمريكية زيادة في استخدام تقنيات تجاوز الرقابة في إيران.
في عام 2020، نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” عن مسؤولين في وزارة الخارجية أن الولايات المتحدة قدمت تطبيقات وخوادم وتقنيات لمساعدة الإيرانيين على تجاوز القيود والرقابة على الإنترنت.
وعقب احتجاجات نوفمبر 2018 في إيران، عززت واشنطن جهودها لدعم المتظاهرين في إيران من خلال توفير وسائل تقنية للمساعدة في التواصل والوصول إلى المعلومات.
وفي سبتمبر 2024، عقد البيت الأبيض اجتماعا مع ممثلي شركات التكنولوجيا الكبرى مثل أمازون وجوجل ومايكروسوفت لدعم جهود تجاوز الرقابة.
التحديات القادمة
تجد إيران نفسها أمام تحديات متزايدة في ضوء هذه التطورات، حيث يتوقع أن يشهد المواطنون الإيرانيون تقليصا كبيرا في الوصول إلى الإنترنت الحر والأدوات التي تساعدهم على تجاوز الرقابة.
ورغم ذلك، أظهرت التقارير أن عدد مستخدمي الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في إيران، مثل خدمة “ستارلينك”، قد تجاوز 100 ألف شخص، مما يدل على رغبة المواطنين الإيرانيين في تجاوز القيود المفروضة عليهم والوصول إلى المعلومات بحرية.
تأتي هذه الخطوة من ترامب في وقت حساس للغاية بالنسبة لإيران، حيث يرى الناشطون أن قرار وقف المساعدات سيزيد من قدرة النظام الإيراني على الاستمرار في قمع الأصوات المعارضة وتقليص حرية التعبير.
في المقابل، يدعو العديد من الناشطين إلى ضرورة إعادة النظر في هذه السياسات التي قد تسهم في تعزيز الرقابة والانتهاكات الحقوقية داخل إيران.