عودة عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة بعد فتح معبر نتساريم
عاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين النازحين إلى شمال قطاع غزة سيرا على الأقدام خلال الساعتين اللتين أعقبتا فتح معبر نتساريم، في خطوة تمثل أملا جديدا للعديد من العائلات التي فرت من منازلها بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر.
وكان الفرح ممزوجا بالألم العميق لدى الفلسطينيين الذين تمكنوا أخيرا من العودة إلى ديارهم، بعد انتظار طويل في مناطق جنوب القطاع.
العودة عبر المعابر والشارع الساحلي
في صباح اليوم الاثنين، فتحت معابر المشاة والمعابر الخاصة بالمركبات في الساعة 09:00 بالتوقيت المحلي، بعد ساعتين من إعادة فتح معابر المشاة.
وكانت عملية انتقال المركبات من جنوب القطاع إلى شماله تسير ببطء شديد، وفقا لمسؤول أمني فلسطيني، حيث يتم تفتيش المركبات قبل السماح لها بالعبور عبر شارع صلاح الدين الذي يربط مختلف مناطق القطاع.
وكان الآلاف قد أمضوا الليلتين الماضيتين في العراء، في ظل البرد القارس على شارعي الرشيد وصلاح الدين، في انتظار سماح قوات الاحتلال لهم بالعودة إلى ديارهم.
يذكر أن العديد من النازحين قطعوا الطريق سيرا على الأقدام عبر شارع الرشيد، الذي يمتد مسافة 7 كيلومترات على الأقل، وهو ما يمثل تحديا كبيرا في ظل الظروف الصعبة.
الدمار والتهجير نتيجة العدوان الإسرائيلي
منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى التاسع عشر من يناير 2025، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانا واسعا على قطاع غزة، أسفر عن استشهاد وإصابة أكثر من 158 ألف شخص، معظمهم من الأطفال والنساء. كما خلف العدوان ما يزيد عن 14 ألف مفقود.
وتسبب العدوان في تهجير أكثر من 85% من سكان القطاع، أي ما يزيد عن 1.93 مليون فلسطيني، بعد تدمير منازلهم ومرافقهم الحيوية. يعيش الآن نحو 1.6 مليون من المواطنين في مراكز إيواء وخيام تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الإنسانية.
الوضع الإنساني في شمال غزة
عند العودة إلى شمال القطاع، يتوقع أن يحتاج السكان إلى 135 ألف خيمة وكرفانات لإيوائهم بعد تدمير منازلهم.
وقد أكدت الحكومة الفلسطينية أن الوضع الإنساني في المناطق التي دمرت يتطلب دعما عاجلا لتوفير المأوى والغذاء والمياه، وسط دمار هائل في البنية التحتية.
التوترات حول قضية الرهائن
تأتي هذه العودة بعد يومين من الموعد المتوقع، على خلفية الخلاف حول قضية الرهينة الإسرائيلية أربيل يهود.
ووفقا لما ذكره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإن فتح المعبر جاء بعد “تراجع” حماس عن إطلاق سراح يهود. وكانت حماس قد سلمت أربعة جنود إسرائيليين بدلا من يهود، مما دفع إسرائيل إلى تأخير فتح المعابر أمام الفلسطينيين.
ووفقا للوسطاء، قدمت حماس دليلا على أن أربيل يهود على قيد الحياة، ومن المتوقع أن يتم تسليمها إلى الصليب الأحمر مع اثنين آخرين من الرهائن في يوم الخميس المقبل، مما يفتح الطريق أمام مزيد من الإجراءات المتعلقة بالرهائن.
تستمر معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في ظل الظروف الإنسانية الصعبة والدمار الهائل الذي خلفه العدوان الإسرائيلي. وبينما يمزج الفلسطينيون الفرح بالحزن مع عودتهم إلى ديارهم، فإن الوضع يبقى معقدا ويستدعي تدخلا عاجلا من المجتمع الدولي لتوفير الدعم الإنساني وضمان حقوقهم في العودة والتعويض.