كشفت مصادر إريترية عن مخطط إثيوبي يهدف إلى إسقاط النظام الحاكم في إريتريا عبر دعم المتمردين وإشعال صراع داخلي، مما يشكل تهديداً جديداً لاستقرار منطقة القرن الأفريقي، ويُعرض الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس المصرية للخطر.
يأتي هذا في وقت تعاني فيه قناة السويس بالفعل من اضطرابات بسبب عمليات جماعة الحوثي، والتي تسببت في خسائر تقدر بنحو 7 مليارات دولار أمريكي خلال الـ15 شهراً الماضية.
دعم إثيوبيا للمتمردين الإريتريين:
تعمل إثيوبيا على رعاية عدد من الجماعات الإريترية المعارضة، بما في ذلك جماعات الكوناما وقطاعات من العفار، في محاولة لتوحيد المعارضة الإريترية المنقسمة بشدة، والتي تشمل فصائل سابقة من جبهة تحرير إريتريا.
ومن جانبها، تحاول إريتريا استمالة جماعات العفار، بينما تدعم حركات المعارضة الصومالية والأورومو في إثيوبيا، مما يعكس حالة من التنافس الإقليمي بين البلدين.
تدريبات حركة الثورة الزرقاء الإريترية:
انتشرت مؤخراً مقاطع فيديو تُظهر تدريبات ما يُعرف بـ”حركة الثورة الزرقاء الإريترية” (بيرجيد نهاميدا)، وهي حركة شعبية تسعى إلى إسقاط النظام الإريتري عبر وسائل سياسية وعسكرية واقتصادية.
وتستهدف حركة الثورة الزرقاء الإريترية المؤسسات الاقتصادية الإريترية كجزء من استراتيجيتها لإضعاف النظام.
كما تروج حركة الثورة الزرقاء الإريترية أن الرئيس الإريتري أسياس أفورقي يستعد لنقل السلطة إلى ابنه، مما يضمن استمرار إرثه من القمع وعدم الاستقرار، في محاولة لتعبئة الشعب الإريتري ضد النظام.
مؤتمر الثورة الزرقاء في أديس أبابا:
في الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني، اجتمع شباب إريتريون من مختلف أنحاء العالم في أديس أبابا لتأسيس حركة نضال واسعة النطاق.
وتم افتتاح مؤتمر الثورة الزرقاء الضخم في 27 يناير 2025، بحضور ما يقرب من 1000 عضو من الشتات الإريتري، في قاعة الألفية في أديس أبابا.
ويُعتبر هذا التجمع الأول من نوعه بالقرب من وطن الشتات، ويأتي في إطار جهود الحركة لبناء تحالفات وحشد المجتمعات الإريترية ضد النظام.
دور الشتات الإريتري:
على مدى العقدين الماضيين، شاركت حركات المعارضة الإريترية في الشتات بشكل نشط في الحركات السياسية العابرة للحدود ومجموعات المجتمع المدني، بهدف حماية حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية في إريتريا.
وعلى الرغم من أن الشتات الإريتري يُعتبر مجتمعاً مسالماً ومندمجاً بسلاسة، إلا أن المظاهرات والاحتجاجات ضد النظام كانت سلمية حتى الآن.
نشاط المتمردين العفر:
أشارت التقارير إلى أن إثيوبيا تقوم بتسليح وتدريب متمردي عفار للمساهمة في جهود الإطاحة بالنظام الإريتري.
وينشط المتمردون العفر في المناطق القريبة من الحدود الإريترية، بالقرب من ميناء عصب الاستراتيجي على البحر الأحمر، منذ ما يقرب من 15 عاماً.
ويُعتبر ميناء عصب نقطة حيوية للتجارة والملاحة الدولية، مما يزيد من أهمية الصراع المحتمل.
الوضع السياسي في إريتريا:
إريتريا، التي نالت استقلالها عن إثيوبيا عام 1993، تحكمها نظام استبدادي عسكري بقيادة الرئيس أسياس أفورقي. لم تجرِ في البلاد أي انتخابات عامة منذ الاستقلال، ويُعتبر الحزب الحاكم “الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة” (PFDJ) الحزب السياسي الوحيد في البلاد.
وقد اتهمت الأمم المتحدة النظام الإريتري بارتكاب جرائم ضد الإنسانية منذ عام 1991، كما يُشار إلى استخدام السلطات الإريترية للمضايقة والترهيب ضد المدافعين عن حقوق الإنسان في الشتات.
التداعيات الإقليمية:
على مدى العقود الثلاثة الماضية، شهدت إريتريا حروباً مع جيرانها، بما في ذلك إثيوبيا. خلال حرب تيغراي الأخيرة (من نوفمبر 2020 إلى نوفمبر 2022)، وقفت إريتريا إلى جانب الحكومة الفيدرالية الإثيوبية.
ولتعزيز قدراتها العسكرية، قام النظام الإريتري بتجنيد مكثف للأعضاء السابقين في القوات العسكرية والمراهقين والبالغين.
الخلفية التاريخية:
انفصلت إريتريا عن إثيوبيا ونالت استقلالها بعد صراع دام 30 عاماً في أوائل تسعينيات القرن العشرين. كان ملس زيناوي، رئيس وزراء إثيوبيا الأسبق، والرئيس الإريتري الحالي أسياس أفورقي حليفين في النضال من أجل الاستقلال، ولكن الخلاف بينهما نشأ لاحقاً، مما أدى إلى حرب حدودية استمرت عامين (1998-2000) وأسفرت عن مقتل ما يقدر بنحو 70 ألف شخص.
وفي عام 2016، اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات البلدين حول منطقة تسيرونا الحدودية، مما زاد من توتر العلاقات بينهما.
المخطط الإثيوبي لدعم المتمردين في إريتريا يُشكل تهديداً خطيراً لاستقرار المنطقة، وقد يؤدي إلى حرب جديدة في القرن الأفريقي، مع تداعيات سلبية على الملاحة الدولية في البحر الأحمر وقناة السويس.
يتطلب الوضع تدخلاً دولياً عاجلاً لاحتواء الأزمة ومنع تفاقمها، مع ضمان حماية المدنيين والحفاظ على الاستقرار الإقليمي.