صدر اليوم الحكم بالسجن 11 سنة على السناتور الأمريكي المعزول بوب منينديز (71 سنة) والسجن 8 سنوات على المصري-الأمريكي وائل حنا (41 سنة) الذي أُدين بتقديم رشاوى للسناتور الديمقراطي وزوجته نادين (التي لم تُحاكم بعد لمرضها) وكانت اغلب الرشاوى سبائك ذهبية ومجوهرات.
القضية التي تابعها الإعلام الأمريكي على مدى عامين، تدور حول ما قدمه لمصر من خدمات لأربع سنوات منذ 2018، السناتور منينديز رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، المعنية بالمساعدات الخارجية. وكيف استخدم رجل الأعمال وائل حنا معرفته السابقة بالزوجة الجديدة للسناتور (اللبنانية-الأرمنية الأمريكية نادين أرسلانيان) في تسهيل مطالب مسئولين عسكريين ومخابرات مصريين، للحصول على كل المساعدات الأمريكية المخصصة لمصر، كحليف منذ سلامها مع إسرائيل، وبدون اقتطاع اي جزء بسبب انتهاكات حقوق الانسان المصري.
بالطبع، لا يُجرّم القانون الأمريكي أي وسيط أمريكي يعمل رسميا لصالح حكومة أجنبية، طالما انه سجل اسمه بوزارة العدل كوسيط، اي شركة لوبي لحكومة اخرى، وذلك للدعاية وترتيب زيارات، وليس لتقديم رشاوى لموظفين في الحكومة او مشرعين في الكونجرس.
بالتالي، توجد فعليا بشكل “نظمي رسمي” شركة مثل (BHSF) للوساطة السياسية متعاقدة مع الحكومة المصرية، بمقابل شهري (65 الف دولار) ومن أبرز القائمين عليها الامريكي-المصري نديم الشامي، كبير المساعدين السابقين للنائبة المتقاعدة نانسي بيلوسي الرئيسة السابقة لمجلس النواب.
اما لوبي اسرائيل فهو الأقوى بين اي جماعة ضغط ومصالح في أمريكا بشكل يفوق لوبي شركات السلاح ولوبي النفط ولوبي التبغ القديم. والعجيب ان هذا اللوبي الذي يعمل لصالح إسرائيل رسميا والمسمّى اختصارا بالأحرف إيباك AIPAC أي: لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية، غير مسجل ولا يعتبر نفسه لوبي، لأن من بيدهم اتخاذ القرار هم انفسهم من المشرعين الذين إما هم مقتنعون بالمصلحة الاستراتيجية المشتركة للدولتين، أو يخشون سطوة الايباك، لا بالرشاوى وسبائك الذهب الفجة، ولكن بجمع تبرعات من مؤيدي إسرائيل بامريكا، خصوصا التبرعات الضخمة فيما يُعرف بالسوبر باك الذي يسمح لمتبرع من ولاية او حزب مختلف ان يدعم مرشحا في الكونجرس من مكان وحزب آخر او دعم منافسه ليخسر النائب مقعده كعبرة لغيره، ممن قد يحتجون على سطوة اللوبي او يتحدون المقولة المأثورة: “الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا.”
طبعا، الاستثناءات في التحقيقات حتى بالنسبة لمصر، تتوقف على شطارتك في مراعاة الاعتبارات الحزبية، ومعرفة من يحميك ومن لن يحميك. فلو تم التبليغ في الإعلام الامريكي مثلا دعاوى بأن مصر ارسلت من مركز “ابحاث” تابع لمخابراتها أجولة مليئة بأوراق الدولارات بمبلغ وصل عشرة ملايين دولار شُحنت من مصر إلى أمريكا لدعم حملة الرئيس المنتخب في 2016 دونالد ترمب، فلا تقلق لأن وزارة العدل بعد ان بدأ مسئولوها من رجال اوباما في التحقيق من 2017 جاء بعدهم رجال ترمب وقرروا إغلاق الملف بأكمله في 2019.
لكن وزارة العدل تحت ترمب هي نفسها التي فتحت التحقيق من 2018 وتتبعت ما يفعله المسئولون المصريون مع زعيم ديمقراطي مؤثر مثل منينديز، وبالتالي مطلوب سياسيا إسقاطه وتشويه حزبه، ولو كان الراشي مصريا فهذا مقدور عليه وليس وسيطا لصالح إسرائيل التي لها رجالها.
أخيراً، اللوبي الإسرائيلي يدافع عن حق إسرائيل في قتل وانتهاك حقوق الفلسطيني او العربي وليس بالطبع مواطني دولة اسرائيل من اليهود الذين تحميهم محاكمهم، اما قضية منينديز والوساطة المصرية فقد سعت ان تقنع الكونجرس بالتغاضي عن انتهاك مصر لحقوق الإنسان المصري اي مواطني وأبناء الدولة نفسها!
والأنكأ، ان تمويل عملية الرشاوى لمنينديز وزوجته تمت على حساب المواطن المصري بزيادة اسعار اللحوم والدواجن المستوردة له، عن طريق إلغاء شركات رخصة حلال، الزهيدة السعر، واعطاء احتكار بدلها للشاب القبطي الامريكي وائل حنا لإعطاء رخصة “ذبح حلالا على الطريقة الإسلامية” بعد مضاعفة الأسعار، دون منافس له، وبشكل اثار احتجاج وزارة الزراعة الأمريكية واعتبرته استغلالا غير عادل لثمن كيلو اللحم الذي يشتريه المواطن المصري. وكان من مهام منينديز ان يطلب من الوزارة إغلاق التحقيق في هذا الاحتكار المقصود!