في أول زيارة خارجية بعد توليه منصبه، يتوجه الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، إلى السعودية الأحد، وفق ما أفادت مصادر سعودية امس السبت.
يشار إلى أنه بعد أقل من شهرين على الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد، أعلنت إدارة العمليات العسكرية في سوريا مساء الأربعاء إسناد منصب رئيس البلاد في المرحلة الانتقالية إلى أحمد الشرع.
جاء ذلك خلال “مؤتمر إعلان انتصار الثورة السورية” الذي أقيم في دمشق، وحضره قادة الفصائل المسلحة الأعضاء بإدارة العمليات العسكرية.
والخميس، هنأ خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أحمد الشرع بتوليه منصب الرئاسة السورية في المرحلة الانتقالية.
يذكر أن وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، كان زار سوريا الأسبوع المنصرم والتقى بالشرع، مؤكداً استعداد المملكة دعم نهوض سوريا.
كما أضاف: “إننا منخرطون في حوار مع الدول ذات الصلة لرفع العقوبات عن سوريا”، منوهاً بأهمية تسريع الخطوات التي من شأنها تنفيذ الأمر بسرعة.
فيما لفت إلى أن الرياض تلقت إشارات إيجابية بشأن رفع العقوبات عن سوريا.
وكان أحمد الشرع قد قال في تصريحات لوسائل إعلام تركية، في 22 يناير/كانون الثاني الماضي، إن زيارته الخارجية الأولى ستكون إما إلى السعودية أو إلى تركيا، ورأى مراقبون وقتها في كلام الشرع ما يشير إلى طبيعة رهانات السياسة الخارجية للسلطة الجديدة في دمشق، التي تسعى كما يبدو إلى إقامة علاقات متوازنة بين الأطراف الفاعلة الرئيسية في الشأن السوري، وفي مقدمتها السعودية وتركيا، فضلاً عن قطر التي تعد داعماً رئيسياً للإدارة بطبيعة الحال.
وقال المحلل السياسي محمد جزار إن “دمشق تعول كثيراً على العلاقات مع السعودية من الناحيتين السياسية والاقتصادية، في إطار الدور الذي يمكن أن تقوم به السعودية في إعادة الإعمار، إلى جانب محاولة إحداث توازن مع النفوذ التركي في سورية”.
وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد قد زار دمشق يوم الخميس الماضي في أول زيارة لزعيم عربي إلى دمشق بعد إسقاط النظام السوري السابق، وهنأ الشيخ تميم بن حمد الشرع بمناسبة توليه رئاسة سورية، مجدداً، خلال لقائهما، “موقف دولة قطر الداعم لوحدة سورية وسيادتها واستقلالها، ومشيداً في هذا الصدد بالجهود التي تبذلها الإدارة السورية الجديدة لتحقيق الاستقرار والحفاظ على مقدرات الدولة وتأمين الاحتياجات الضرورية للشعب السوري”، بحسب ما أورد الديوان الأميري.
وفي وقت سابق أكد الرئيس أحمد الشرع، أن الثورة السورية انتهت مع سقوط النظام، ولن نسمح بتصديرها إلى أي مكان آخر، مبينا أن بلاده لن تكون منصة لمهاجمة أو إثارة قلق أي دولة عربية أو خليجية مهما كان.
وقال الشرع في مقابلة مع صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، إن “سوريا سبق أن تحولت منبرا لإيران تدير منه أربع عواصم عربية أساسية، وعاثت حروبا وفسادا في الدول التي دخلتها، وهي نفسها التي زعزعت أمن الخليج، وأغرقت المنطقة بالمخدرات والكبتاغون”.
وأضاف، “ما قمنا به وأنجزناه بأقل الأضرار والخسائر الممكنة من إخراج للمليشيات الإيرانية، وإغلاق سوريا كلياً كمنصة للأذرع الإيرانية، وما يعني ذلك من مصالح كبرى للمنطقة برمتها، لم تحققه الوسائل الدبلوماسية، ولا حتى الضغوط”.
وفي رسالة للدول العربية، قال الشرع إنه “عندما استعيدت بوادر العلاقات العربية مع النظام السابق وعودته إلى جامعة الدول العربية مقابل تقديمه بعض التنازلات، كنا واثقين من فشل ذلك مسبقاً، لمعرفتنا بأن هذا النظام لن يقدم أي تنازل، ولن يستقبل هذه البادرة بحسن نية.
وأوضح، “بل تسرب إلينا عن لقاء مع الطرف الأردني الذي سأل لماذا الإصرار على تصدير الكبتاغون إليهم، أن كانت الإجابة بأنه لن يتوقف ما لم تُرفع العقوبات عنه. هذه ليست طريقته”.
وأشار إلى أن “الأمن الاستراتيجي الخليجي أصبح أكثر أمناً وأماناً؛ لأن المشروع الإيراني في المنطقة عاد 40 سنة إلى الوراء، ووجودنا لا يعني تهديدا لأحد”.
وأردف بأن “سوريا اليوم مرحلة جديدة هي بناء الدولة، ونحن نسعى لبناء علاقات استراتيجية فاعلة مع هذه الدول. سوريا تعبت من الحروب، ومن كونها منصة لمصالح الآخرين، ونحن بحاجة لإعادة بناء بلدنا وبناء الثقة فيه، لأن سوريا بلد في قلب الحدث العربي”.
وتابع، “نتطلع إلى الحالة التنموية المتقدمة التي وصلت إليها بلدان الخليج، ونطمح إليها لبلدنا سوريا. والمملكة العربية السعودية وضعت خططاً جريئة جداً، ولديها رؤية تنموية نتطلع إليها أيضاً. ولا شك أن هناك تقاطعات كثيرة مع ما نصبو إليه، ويمكن أن نلتقي عندها، سواء من تعاون اقتصادي أو تنموي أو غير ذلك”.
كما أكد الشرع أنه لا يريد فرض آرائه الشخصية على السوريين، بل يترك ذلك لأصحاب الخبرة والاختصاص من القانونيين، ليكون القانون هو الحد الفاصل في صياغة العلاقة بين الناس”.
واستدرك، “لا يمكن أن نتوقع بلداً بحجم سوريا وثرائها بمكوناتها المختلفة، وأن يسودها رأي واحد. فالاختلاف هذا جيد وصحي، وهذا النصر الذي تحقق ليس نصراً لفئة على أخرى، وإنما هو نصر لجميع السوريين، وأنا على ثقة أن السوريين كلهم بمختلف فئاتهم على درجة من الوعي الكفيلة بحماية بلدهم”.